الأحد، ديسمبر 21، 2014

حذر ضروري- ثرثرة 13

يهاتفني أخي ويوبخني أنني لم أطمئنه بعد على أدائي في الامتحان، خاصة وأنني حين أجبت مكالمته في وقت سابق اعتذرت أنني لن أستطيع الكلام حتى عودتي للسكن، لأن الصخب حولي لا يساعدني على التركيز.
حين أعود وأحكي له الملابسات العجيبة ليومي بداية من إيقاظ رفيقة غرفتي لي صباحًا مدعية أن الساعة السادسة والربع، وأنا أكذبها، "لسه مفيش ولا ضوء، الساعة تجي لها أربعة.." محاولة الحصول على المزيد من النوم، لكنها تؤكد أنها صلت الفجر وان الجميع استيقظوا، أنظر في هاتفي المحمول الذي يؤكد كلامي، الساعة كما أعلنها هي الرابعة والربع، لكنني حين أغلقته وفتحته اكتشفت الحقيقة، الساعة كانت بالفعل قد تجاوزت السادسة، وحينها هرعت للتحضر للذهاب للامتحان، وانا أتساءل "لماذا لم توقظني أمي حتى الآن؟" ، حتى هاتفتني في السابعة وانا أوشك على النزول، كانت مذعورة لأنها اتصلت بي كثيرًا ولم أرد عليها، المفارقة أن هاتفي كما يبدو في سجل الهاتف لم يستقبل منها أي مكالمات قبل السابة، غارقًا في الضحك قال لي أخي "خلي بالك شكلك كده هتمثلي فيلم Stranger than fiction، في الحقيقة بس هو كان الموضوع معاه دقايق، لكن ماكي ساعتين كاملين، وخلي بالك شكلك كده هتحبي قريب!" 
روعتني ملاحظته لكل الأسباب التي يمكن أن تخظر في بالي، وأبسطها أن أكون انا هارولد، وأن أتعرض لكل ذلك، لكن المثير للسخرية أنني لا أحتاج لسماع صوت المرأة الحاكية ، لن أتساءل كمثله من هي وكيف تتحكم في مصيري، لأنني ببساطة أعرف أنني هي ، فأنا أكتب وكثيرًا جدًا تقفز الجمل والاحتمالات في رأسي، فأنا أتخيل المشهد وأنشأه وأعيشه أيضًا، وما أصعب إدراك كل ذلك!

الجمعة، ديسمبر 19، 2014

البنت اللي مليانة ديفوهات..

هذا هو اسم الكتاب الذي بدأته أمس حين استيقظت بعد منتصف الليل بساعات بهاجس من الحلم العجيب الذ رأيته والذ ترهقني ،تفاصيله لألأرق ولا أستطيع النوم، أقرر أن القراءة هي الملاذ في حالة مماثلة، أختار الكتاب الذي أعرف أنه لن يسبب لي أي نوع من الأسئلة الوجودية، كل ما أردته هو الاستمتاع بالوقت الذي  لن أستطيع النوم فيه إلى أن أطرد الحلم من وعيي، أقرأ حتى أصل لنصف الكتاب، وأثناء القراءة أشعر بالجوع تمامًا ككاتبة الكتاب وكمثلها أفكر في الباستا المسلوقة بالثلاجة وببعض الاضافات  البسيطة يمككني أن أشبع، لكن فكرة الأكل في هذا الوقت لم تشجعني، خاصة وأن سببًا وجيهًا من استيقاظي حتى تلك الساعة ليس فقط الحلم الغريب، ولكن أيضًا شعوري بأن شيئًا ما شريرًا وربما كارثيًا يحدث في هذه الليلة العجيبة، لذلك حينما سمعت صوت صفارة عالية تشككت انه ربما يكون إنذار الحريق، لذلك هرعت دون كتابي إلى حيث الصوت، لأجد أن هذا صوت صرير الماء في المواسير، وهو صاخب جدًا إلى حيث تقع غرفتي بسبب الهدوء المطلق لليلة امتحان عدد كبير من زملائي، ورغم أن شكوكي لم تكن في محلها إلا أنني وجدت يارا الفتاة الجميلة الصغيرة النقية هناك، والتي تعجبت لرؤيتي متيقظة في ذلك الوقت خاصة وقد عرجت على غرفتي كالأمس لكنني لم أدعها للدخول لانشغالي بالنوم والحلم الثقيل الظل، أتحدث معها قليلًا قبل أن نتفق أنه ربما حان لنا أن نخلد للنوم، تتجه كل منا لغرفتها بينما أفكر في شئ واحد أنى لي أن أؤثر الحلم المزعج هذه الليلة على يارا!
حتى لو كنت في الحلم لا أفعل شيئًا سوى أن أشاهد السوء دون أن اشارك فيه، وأن أستيقظ وأنا أسأل نفسي لماذا كان حسن حسني هو من تخيلته مالكًا لعمارة ضخمة في الحلم والذي كلن على وشك أن يهدمها تمامًا لما تراءى له أنه خدع وأن هذا البيت ما هو إلا أساس الشر على الأرض، حتى ينساق هو شخصيًا وراء أهوائه الجنسية!
أكمل ما أستطيع من الكتاب لأصل إلى النص المعنون" البنت اللي مليانة ديفوهات"، أفكر فيّ،  في ديفوهاتي القاتلة، أنني مثلًا لم أستطع أن اكتب كلمة عن سعادتي في شار المعز أول أمس، تلك التي حاكت إلى حد كبير سعادتي بالكتاب الجماعي الذي شاركت فيه، كنت سعيدة بسعادة الآخرين التي ساهمت فيها ولو بجزء بسيط كمراجة لغوية لا أدعي أنني أجيدها تمامًا، عن التمتع بالمشي في ذلك الشارع الضيق وتناول الكسكسي بالمن والسكر غير مكترثة وزميلتي بالمارة والأعين الفاحصة، مستمتعة بالمكان والأعمال اليدوية المبهرة المتوفرة على جانبي الطريق، لم أتمكن من كتابة كلمة واحدة عن الأمر بينما الآن يمكنني أن أكتب الكثير عن حلم وحيد وليلة أرق وكتاب شاركني الأرق، ولكن هذا ليس كل شئ!
هنالك النسيان!، استغرقني الأمر بعض الوقت لأدرك سبب سعادتي يومها، لأدرك الذكرى المماثلة تمامًا، لأدرك كيف أن الماضي هو سبب سعادتي لحظتها في الحاضر، نعم لازال هذا الأمر مؤرقًا بالفعل، أنا الآن مدركة أنني لا أنسى فقط الأشياء السيئة التي حدثت لي ولكن أيضًا كل المواقف المبهجة والمفرحة، ذاكرتي الشخصية تفلس يومًا بد يوم، لا أستطيع أن أواكب كل ما يحدث من تفاصيل بالتدوين لا هنا ولا في أي مكان آخر، لايمكنني مثلًا أن أسجل الأشياء التافهة التي تحدث وأراها تستحق الملاحظة، ولا حتى الأحداث الكبيرة التي تؤثر عليّ، لا شئ!
هنالك أيضًا تلك العلاقات غير المنطقية التي أوجدها بين الأشياء، عرفت مؤخرًا أن أغلب الناس يخطئون العلاقة بين الأشياء بكونها مسبباتها، أناعلى رأس قائمة هؤلاء البشر، بل وأفل ذلك بشكل أقرب إلى الخرافية منه إلى أي شئ آخر، هنالك دومًا رسالة ضمنية خفية بين الأحداث، كأن أكتشف مثلًا أن يوم المترجم هو نفس اليوم الذي تقدمت فيه لأحد دروس تعلم الترجمة، وأن يوم اللغة العربية هو اليوم التالي لاستمتاعي بثمار عملي القليل في المراجعة اللغوية، تلك الرسائل الضمنية التي تشير لي أنني على الدرب السليم، بينما أنا في الأساس أسير أكثر من طريق بشكل متوازٍ، والسير في الطرق المتعددة ليس مرهقًا قدر ما هو ممتع، فمن الطبيعي أن أشعر أنني على الطريق السليم، طالما دومًا هنالك خطة بديلة وهنالك فرصة تدعمه..
هل هذا هوكل شئ؟
لا..
هنالك الفكرة الأساسية التي تجلعلني على النقيض من أقراني الذين يذاكرون الآن استعدادًا لامتحان الغد، أكتب كل هذا الكلام لذاتي ربما في المستقبل، بل وتمية وقت أرقي أمس بالقراءة في حكايا فتاة مرهفة دون الالتفات مثلًا لقائمة الكلمات الأكاديمية التي يجب عليّ قرائتها للمرة الأولى قبل الغد، أنا دومًا أقضي وقتي بطرق اعجب مما يمكن وصفها، وربما تبدو للآخرين كمضيعة كلية لكل الفرص الحياتية!

والشئ الأكثر أهمية: عزلتي الآن أصبحت شبه رسمية، خاصة وأنا شبه قررت كيف ستكون حياتي في السنوات القليلة القادمة..

البنت اللي مليانة ديفوهات كان ممكن تستنى لحد مياد رسالتها السنوية وتكتب كل ده بس هي عندها ديفوه إضافي ما بتحبش تخلي جواها كراكيب كلام، لازم يخرج في وقته اللي هو حدده مش اللي هي تحدده..

وجايز دي كلها مش ديفوهات قد ما هي سمات شخصية بتحاول تعيش حياتها زي ما هي عايزة..

الخميس، ديسمبر 18، 2014

أضغاث أحلام

-1-
بالأمس أيقظتني أمي باكرًا كما انتويت قالت:
"Show them your strength" 
تجاهلت محاولتها وأنا أقول لذاتي:
المهم أن أعضد قوتي..
أيقظتني مرة أخرى صارخة باسمي بعلو صوتها،
أفقت مشدوهة وانا أتمتم: حاضر يا ماما
في الصباح أخبرتني رفيقة الغرفة أنني تحدثت أثنا نومي ثم استيقظت،ابتسمت وأنا مدركة تمامًا أن شيئًا ما فوق طبيعي قد حدث،
لأنها أيقظتني تمامًا في الموعد الذي انتويته ودون حتى علمها ولا وجودها..

-2-
اليوم نتبادل ورفيقتي الحوار لأوافقها الرأي أنني أيضًت حلمت بأشياء عجيبة:
حلمت بيارا الجميلة تقبلني وكانت ترتدي زيًا أسود وقرطًا لامعًا
تضحك رفيقتي مؤكدة أن هذا قد حدث بالفعل، وأن يارا زارتنا وكانت هي على وشك النوم فلم ترد وانا نائمة فعلا وقبلها بساعات وأنني سمحت لها بالدخول وأخبرتها بأنها نائمة وقد فبلتني يارا ومضت..
لم أصدق إلا حن رأيت يارا وأكدت أنها كانت ترتدي زيًا أسود بيد أنها لا تتذكر إذا كانت ارتدت قرطًا أم لا..

الأحد، نوفمبر 23، 2014

ثرثرة (ريحة حنين)

 أستيقظ غير متذكرة شئ من حلمي سوى أنه كان في بيت جدتي، لا يمكنني تحديد الوقت، أحاول أن أخمن من الشباك، لكن لا أرى أمامي سوى ما يشبه ما يمكن أن أراه من السرير في منزل جدتي، اعرف أنني لست هناك، أرمق سرير زميلتي في الغرفة لأكتشف أنه فارغ، وهي لم تتعود أن تستيقظ أبكر مني، لا بد أنني تأخرت كثيرًا في النوم، الآن ادرك النافذة والضوء الواهي المتسرب منها، لأدرك اننا لازلنا في الصباح الباكر، وساعة المحمول تونبؤني أن الساعة لم تبلغ السابعة صباحًا بعد، يحاول ان يغلبني الكسل لكن نشاط الزميلة غيرالمعهود حفزني لبدء يومي بنشاط وهكذا انطلقت في نزهة صباحية بهدف التريض، كان هدفي اليوم هو باعة الصحف اليومية في المنطقة، والذين لم أجد لدى أي منهم غرضي،وبينما أنا اتجول في شارع 26 يولو الشهير تذكرت ما حكاه لي زوج خالتي منذ أسبوعين وكنا جلوس بنادي ضباط الزمالك، وهو يحكي عن أن هذا النادي قد اجتمع به الضباط الأحرار للقيام بحركتهم فبل ان يطردوا من النادي ويستأجروا فيلا على ناصية الشارع المقابل، وسألت نفسي بينما اسير: لماذا إذن لم يتسم الشارع باسم الثورة التي قامت -إذا صح القول- وخطط لها في هذا الشارع بالتحديد؟ لم اجد إجابة فورية ولم ابحث عن إجابة لأن اليوم لم يكن عاديًا، عدت لغرفتي بالسكن الجامعي ومعي كوب الشاي باللبن المحبب وبينما أتناول إفطاري فاجأتني فيروز كراوية باغنيتها الجديدة:
نازلة ومزاجى عالى عاملة مش واخدة بالي
سايبه فى البيت زهق السنين كتابي ع الكومودينو
قلبي مش عارفه فينه رايحة مش عارفة رايحة فين

فاجأتني فكرة محاكاتها لحالتي وقبل أن أتمها أدركت أن هذه الأغنية سترافقني طوال اليوم، ولأنها أجبتني قررت محاكاتها حتى النهاية، ووجدتها تقول:
لابسة أجمل حاجاتي باسمع أمل حياتي واسأل طب بس هو مين
حاطة ميك آب هادي عاملة تسريحة عادي قلبي مفيهوش ريحة حنين
وهكذا تحركت للدولاب وأخرجت أجمل ثيابي، وفكرت في أمل حياتي، وهي أول مرة لا أحتاج لاعمال السؤال فيها، ربما أعرف الاجابة سلفًا، وودون تفكير كان الميك اب الهادي، وربطة الحجاب التقليدية، لكن العبارة الأخيرة توقفت أمامها حائرة، لأدرك أنني أكذب على نفسي للمرة المليون..

حبة ولقيته واقف شايفة ويا ريته شايف فجأة بقينا عين ف عين
حيرة وجنان وربكة
عيني في عينه شابكة
ويا قلبي ليه فرحان حزين
هو أكيد هو
لكن مش هو هو
فين لمعة عينيه فين البريق
راحت من عينه لمعة نزلت من عيني دمعة ميه وازاى تشعل حريق...

أتذكر الآن لحظات مربكة قلقة ربما لن تتكرر..


راجعة ومودي قالب مش عايزه أعيش في قالب خايفة أروح تاني للكتاب
لازم أحب وافرح لو حتى الحب يجرح بكره يخرج قلبي م الدولاب
لازم يخرج قلبي م الدولاب..

أعود وأذكر نفسي أليس هذا هو تمامًا ما حدث، وخرج قلبي من الدولاب تمامًا كالملابس التي أخرجتها منذ قليل ولبستها وتزينت، وابدى جميع من رآني تعجبهم وأشاروا كعادة الفتيات إلى أن هنالك سببًا، لم يكن لهم أكثر من أنها بداية أسبوع بعد انتهاء سابق كئيب أزعجتهم فيه بمرضي الذي لم يمكن لأي عين إغفاله!
أستمتع في الفاصل القصير بطعام دسم محبب مع ثرثرة الفتيات المسلية، لنعود بعدها وتكمل يومنا الممل، وأجد بعدها ذاتي قد قررت أن أطبخ خضارًا  ودجاجًا مسلوقًا للتكفير عن الجريمة التي ارتكبتها  في الاستراحة ، وبينما انتظر نضج طعامي في المطبخ أقرأ فيتعجب بعضهن من أنني أجد وقتًا للقراءة، أعلل أنه لاضير ببضع صفحات كل يوم في أوقات الانتظار وقبل النوم، وأكتشف أنهن يقرأن -بغض النظر عن الكتب بالطبع- ولكن لا يجاهرن بذلك لغياب الوقت! الذي يضيون أغلبه في الثرثرة وأشياء اخرى! وبعد نضج طعامي أدركت انه لابد أن أترك الكتاب وإلا أنهيته دون أن أنهي مذاكرتي التي لا تنتهي،، وهكذا اجدني أمام الأوراق والأرقام، أقرأ أفهم ، لكن عيوني لا تستطيع النظر فيها أكثر، تلك التي مدحتها رفيقة الغرفة معربة أنها أجمل كثيرًا دون الكحل، أود لو أرد عليها ردًا بعينه، لكنها لن تفهم قولي وسيتطلب الأمر شرح كثير أنا في غني عنه، لكن توجعني الحقيقة، حقيقة تردد كلمات أمل في ذهني بشأن العيون الخضر، وأنه الوحيد الذي استطاع أن يعبر عن ذلك دون أن يقصدني تحديدًا! خاصة بعد حديث أمس الذي اكتشفت به أن أمل رجلًا وليس إمرأة! حينها ابتسمت من حقيقة انني يومًا ما ظننت ذات الأمر حتى فاجأتني صورته..

بينما أنا أحاول حل الكثير من مسائل التباديل والتوافيق، أجدني أفكر في حل لمسألة واحدة:
"فتاة تشعر بضيق لأسباب عدة وتلتقي بيومها بستين فتاة، وربما يتكرر لقائها ببعضهم عدة مرات يوميًا في أماكن مختلفة ، ربما ممر، ربما المطبخ، ربما الحديقة، وفي كل مرة يسألن بعضهن عن الأحوال،والاجابة دائمًا واحدة: كويسة الحمد لله زي الفل، ما هو احتمال أن يدرك أحدهن أن الفتاة تكذب؟"
وأجدني أسرح في صيغة السؤال الذي لن يباغتني في الامتحان، ولن أهتم بحله على هذه الشاكلة في كل الأحوال، لأنني لو أردت حل هذا السؤال كما يحلو لي لكان الأمر أبسط من ذلك، ببساطة ليس مهمًا أن تدرك إحداهن أن الفتاة لا تشعر بخير، وليس مهمًا كيف تبدو في أعينهم، وليس مهمًا أي شئ  سوى صدقها مع ذاتها المتمثل في حقيقة ألا تدعي ما ليس حقيقي حتى لو كان لا يهم الآخرين وليس من شأنهم بالمقام الأول، وبالطبع الحل أبسط من ذلك بكثير أن تجد حلًا لكل ما يؤرقها من مشاكل!
لتكتشف أن مشكلة بعينها ليست بيدها على الاطلاق، عقلها وقلبها فشلا بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ولا يؤرقها الفشل ذاته، ولكن يؤرقها المأزق ذاته!
التفكير في دوائر مغلقة أيضًا أحد المغالطات المنطقية التي ذكرتها في حل سؤال ما، لكنها لا تجد له حل لديها، تغير ملابسها وتحمل كتبها وأوراقها وتغادر الغرفة عل الجدران الأربة تعيق تركيزها لتلجأ للحديقة التي لا تحل المشكلة، تنضم لمجموعة مذاكرة ربما شحذوا تركيزها وطاقتها ولكن بلاجدوى، تقرر القيام بنزهة ليلية  للترويح عن النفس، ولا شئ يجدي، ولا حتى نقر الكلمات حتى يحين موعد نومها، ربما حينها تدرك كم هي تستحق الشفقة! 

السبت، نوفمبر 15، 2014

رسالة إلى الله 4

عزيزي الله
مش عارفة أبدأ منين وأنتهي فين، بس انت عارف كل حاجة، عارف اد ايه الناس بقت غريبة، لا بيرحموا الناس وهم عايشين ولاحتى بعد ما يموتوا، وهم عايشين بيفضلوا يتهمومهم بأي حاجة وكل حاجة، كفر، عمالة، خيانة، أي حاجة، بياخدوها من الظاهر أو من كلام ناس تانيين، أو من الأسئلة الكتير اللي بيطرحوها وأجوبتها اما بديهية أو مقلقة، الفكرة انهم يتهمومهم أسهل ما يفهمومهم، أو يتقبلوا اختلافهم أو تميزهم، يصدقوا أي حاجة لأن ده هيريحهم ويوفر عليهم حاجات كتير، جايز بعد ما يموتوا يفهموا أو يقدروا، لما عرفت الخبر اتنكدت شوية، بس النهاردة الصبح وبعد كم اللي الناس قالته وبيقولوه عنها، البنت اللي معرفهاش، بس بعد القلم اللي اطلتمته النهاردة الصبح، أدركت اد ايه هي محظوظة انها عندك دلوقتي بتعاملها برحمتك، وبتبص لكل اللي بيتكلموا عليها وتقولهم مسيركم هتجوني وهعرف أتصرف ماكم ازاي، ولو هم ميقصدوش أو كفروا عن ذنوبهم جايز تدوقهم نفس الكاس وساعتها يتطهروا.

يارب انت عارف اني في الفترة الأخيرة دي تحديدًا كان تاعبني اني هبعد بكامل ارادتي عن كل حد بحبه، لاني مش عارفة أعيش وأتنفس وسطهم من كتر الضغط اني أعمل حاجات مش حاباها أو اني أتحول لمسخ غيري، جايز دي أول مرة أجهر بده، وده مش سهل عليّ أبدًا بس النهاردة بالذات عرفت ان ده ضروري، ده مشابه للانتحار، الحل السهل أو جايز يبانبعد كده انه أصعب..

يارب انت عارف اني في غنى عن اني أرد ن نفسي أي حاجة، أنا أصلا مش بهتم بكلام حد عني، بس بتضايق قوي أما الكلام ده يأثر على حد بحبه، أو هو شخصيًا يتبنى رأي أو فكرة عني مش حقيقية، لأنه للأسف بيكون افتراض مش حقيقي على أي وجه كان، أنا لما بيجيني أي هاجس ناحية حد بسأل، وأواجه، قبل ما أفهم وأو أتبني أي رأي أو موقف، واللي يعاملني بغير كده، هو حر، مش هعاتب ولا ألوم، أنا بس يارب نفسي أعيط يمكن أرتاح، بدل النوم اللي بصحى منه حالتي أسوأ مما كانت، خاصة مع الحساسية اللي اتأكدت انها معكرة وشي وحياتي!

يا رب بعد اللي شفته الصبح، أنا مش عايزة حاجة لنفسي، أنا بس عايزة الدنيا تبقى أحسن للناس اللي حوالي، مهو مش منطقي ان كل الناس دي تعاني نفس الحاجات!
يارب اجعلني ايد تتمد لأي حد محتاج مساعدة، وقلب يجبر أي مكسور..

الاثنين، نوفمبر 10، 2014

تأويلات غير مترابطة

لو أنني قلت أنني أسميتها" سحاب" 
لظن الجميع انني أتحدث عن طفلتي التي عرفت الدنيا في غفلة من الزمن حين الآخرين مشغولون بذواتهم فقط،
لولا أنها نبتتي الهدية، أهدتنيها زميلاتي في يوم مولدي، لعلمهم أن لي شهر أبحث عن نبتة مثالية تبهجني في تلك الأيام المقفرة، سألتانني ما أسميها، لم أرف ما اسميها إلا بعد برهة، فكرت فيهما، دمجت اسميهما كما أمكنني، اسماء ورحاب، لتكون سحاب، ذهلا ،
إحداهما قالت ظننتك ستطلقين عليها اسمًا من واقع ثقافتك كهيباتيا، ابتسمت، في وقت لاحق أسرت لي أنهاتظن أن النباتات والزروع يمكن إطلاق أسماء غريبة عليها لا نستطيع ان نسميها لأبنائنا كتماضر، أخالفها الرأي، فكل له من اسمه نصيب حتى الأشياء، وما أكثر التأويلات لأسمائها، فنبتتي الأونكا الهدية ذات زهور بيضاء، ألا يجعلها ذلك سحابًا؟



التأويل لا يرتبط بالنص قدر قارئه، الجمل والعبارات والمجازات لاتعرف الشرح من مؤلفها، كل له ما يقرأ ويفهم وفقط، أوافق ايكو جدًا، فماذا لو أنني أقص أو أخبر الآخرين دون إعطائهم مفاتيح النصوص، فسيصلون حتمًا لافتراضات وتأويلات غير حقيقية.

السبت، نوفمبر 08، 2014

A Message in A Bottle 8

عزيزي نادر:
من كام يوم أخويا كلمني وقالي "تخيلي من سبعة وعشرين سنة ماما وبابا كانوا بيتمشوا في مصرالجديدة وهو أكيد كان بيحفزها تمشي أكتر عشان تولد أسرع خاصة يعني وهي عدت الميعاد ،وفجأة تعبت وقالت له خدني المستشفى، متخيلة؟"
ضحكت وقلت له متخيلة، بس ماقلتلوش حاجة واحدة، اني مش متخيلة اني عايشة لحد دلوقتي، عمري ما تخيلت أتم سبعة وعشرين سنة، هو الحقيقة السنة دي مش حاسة اني عجزت، مش حاسة بأي حاجة لها علاقة بالزمن، الزمن بالنسبة لي مش بعد رابع، الزمن مش بعد أصلًا، النهاردة مثلًا أول مرة نمت فيها في سريري من اسبوعين صحيت بردانة، ناديت على ماما جابت لي لحاف وغطيتني  باستني وطبطبت عليّ ولا كأني طفلة عندها سبع سنين، أنا عارفة اني مهما كبرت واعتمدت على نفسي وسافرت ورحت وجيت هفضل البنت الصغيرة اللي بتدور على الأمان في حضن مامتها.

 عارف الحياة غريبة وملغزة، أيوه صحيح ما انت عارف، ما انت عايش على نفس الكوكب العجيب، وبتحصل لك برضه حاجات عجيبة، كان مطلوب مني أكتب عن نفسي مقال عشان أقدمه في جامعة للدراسة، مكنتش عارفة أكتب حاجة، أنا عارفة كويس انا مين وعايزة ايه وكل الكلام اللطيف ده، بس فعليا مكنتش عارفة أكتب حاجة، لحد ما حد طلب مني رأيي في قصة كاتبها، القصة من خمس أجزاء، قال لي اقري كل جزء لوحده لغرض ما، قلت له هذاكر وفي الاستراحات هقرا، من أول جزء أدركت ان ربنا باعتلي رسالة في القصة دي، حسيت اني أنا البطل بطريقة ما، لما وصلت للجزء التالت مقدرتش أستنى ساعتين كمان، خلصتها في ساعتها وأدركت اد ايه ربنا كريم انه بعت لي الرسالة دي في لحظتها، جملة في القصة علقت في دماغي "بعض القدر من صنع البشر" ، يومها كنت ممتنة جدًا لربنا، انه بعت لي الرسالة دي، جايز لاني حاليًا في منحنى مهم في حياتي، منحنى هبعد بيه عن كل الحاجات اللي بحبها والناس اللي بحبهم، السنة دي انا في وسطهم لكن السنة الجاية ياعالم..ورغم اني عارفة ده وهم كمان عارفين، الا اني مستمتعة بوجودي وسطهم، مش خايفة من المستقبل، ومش خايفة اني أكون لوحدي زي النهاردة، جايز لما كان عندي خمسة وعشرين سنة كان أتضايق، وقتها كنت محتاجة كل اللي بحبهم حوالي، كنت محتجاك، كنت محتاجة كل حد بحبه حوالي، عشان كده كنت فاهمة قد ايه زميلتي اللي كان عيد ميلادها من كام يوم كانت متضايقة، قلت لها انها في مرحلة فارقة، الحياة قبل الخمسة وعشرين غير بعدها..النهاردة مثلا لما صحيت من البرد ما اديتش الموضوع أكبر من حجمه، قبل كده كنت ممكن أفضل منكمشة على نفسي في السرير لا أنا قادرة أقوم ولا أناعارفة أنام، النهاردة الدنيا اتغيرت، والسنة الجاية هتتغير أكتر ، لكن الأكيد ان روحي هتفضل طفلة مش عايزة تكبر.
ومن الحاجات العجيبة كمان ان اخويا من سنة كان هيسافر، ولاننا مرتبطين ببعض قوي قكرت في عيد ميلاده أهديه كتاب لذكرياتنا، في صفحة ذكرى أكتبها ، واللي قصادها سايبها فاضية يكتب فيها هو ذكرى افتكرها، يوم عيد ميلاده اديته الكتاب مش كامل، لان اللي افتكرته مكانش كتير، وبعدين قلت له هخليه معايا أكمله على قد ما أقدر وأديهولك، هو ماسافرش، بس أنا احتمال كبير أسافر وأسيب له الكتاب يكمله، ده بالنسبة لي عجيب..

انت كمان كل اللي يخصك عجيب، مش عارفة أشرح لك ازاي بس انت أكيد فاهم..

كان عندي حاجات كتير عايزة أقولها وأحكيها، زي مثلًا قرارات البشر العجيبة والفجائية، في الأسابيع اللي فاتت بنتين كنت لسه متعرفة عليهم أخدوا قرارات جريئة بالانسحاب من فرصة عمرهم ، كل واحدة كان عندها سبب وجيه الحقيقة، والدافع في الحالتين الحب، الأولى حب الأم، والتانية حب البنت، الاتنين كانوا متوترين وعيطوا في حضني معرفتش غير اني أطبطب عليهم وأهديهم، وفوجئت بعدها بقراراتهم، ووقتها معرفتش أفسر الموضوع غير بفكرة الانتخاب الطبيعي بس بشكل مختلف، كنت متضايقة، جايز انت كمان اضطريت تاخد قرار مماثل وتبعد، أنا مقدرة، والحقيقة مقدرة أكتر مما تتخيل، في العيد قابلت واحدة كانت صاحبتي قوي من سنين وبعدنا ومعرفناش بعدنا ليه، وساعات كتير كنت بسأل نفسي احنا كنا ازاي أصحاب، لما قابلتها ماعرفناش احنا بعدنا ليه، بس عرفت الأهم احنا ليه كنا صحاب، وليه هنرجع صحاب تاني، يومها كنت مبسوطة، بس عارف عمري ما سألت نفسي الأسئلة دي عنك، بس اللي أنا مؤمنة بيه إن الحياة لسه فيها كتير..





الجمعة، نوفمبر 07، 2014

دين 2



أدين لشوبان 
ولمساته العبقرية على البيانو
بتحفيزي لتحمل أسبوع من الحملقة في صفحة كتابة فارغة 
   سوى من محاولات بائسة للتعبير عن ذاتي 
بعبارات انجليزية أكاديمية!

أدين للقطة التي تباغتني أثناء جلستي البائسة
بدفقات الأدرينالين الموقظة
كما لو أنها تعرف أنني أتحاشى الكافيين 
ولو إلى حين..

أدين للكتاب المترجم بين يدي في لحظات الضجر من عبث المحاولة
بربتات العربية وحروفها على ذهني المرهق
وبأفكاره العميقة واحساسه الشفيف

أدين للجميع بكل ما أنا عليه
أدين لهم بالمحبة..

السبت، أكتوبر 25، 2014

رسالة إلى ك...... 2

عزيزي نيكوس:
لم يمر شهر على رسالتي الأخيرة لك، تلك التي أبدو فيها كانسانة متزنة وعاقلة، لكن هذا لم يعد ساريًا عليّ الآن، وانت احد أسباب ذلك أيضًا، كنت أقرأ ببطء كتابك تصوف، كان معينًا لي في خطواتي الجديدة، والآن اتراجع عن كونه سببًا مباشرًا في ما أنا ليه، أنت تعرف أن انطباع القارئ عن أي كتاب وتأثيره عليه يتفاوت بتفاوت حالته النفسية والظروف التي قراها فيها، فلنقل أنني كنت لى ما يرام تمامًا، لبنى تشهد على ذلك، ربما كان هناك مؤرقات لكنها لم تعد تكدرني وتقلقني، لكن بعد لقائي بها، بعد لحظتنا الأبدية معًا، تمنيت أن أحظى بلحظات أبدية مع شخص بعينه، لم اتصور أن تتحقق أصلًا أمنية كهذه، وهذا في حد ذاته جعلني أعرف أنني في أمان، حتى تلك البرهة التي لاأصدق أنها حدثت حتى الآن، حينها كل ما عكرني هو الشور بالاختراق، أما الآن فالأمر مختلف تمامًا، تذكر كيف قلت لك أنني خارج الحب إذا صح القول، يبدو أنني كنت أخدع نفسي، ربما توارى الشعور، ربما فقط كنت ملهاة في خطة السنوات القادمة، ربما أشياء كثيرة، ربما أيضًا شعوري اتخذ منحى مختلف، أكثر استقلالية وأقل اعتمادية، ربما يبدو كلامي غريبًا وخاليًا من التنميق، لكن الأكيد أنني من الآن سأتبع النصيحة التي تقول:
Be careful for what you wish for

أعود إلى كتابك الذي قلت فيه:
"لو انك امرأة، اتجه صوب الحب واختر بجهد وتبصر مضن من بين كل بني البشر والد أبنائك. لست انت التي تختارين وانما ذلك اللامتناهي، الذي لايتحطم ولا يعرف الرحمة، ذلك الاله الذكوري الذي بداخلك. أنجزي واجبك كاملًا.أنجزي واجبك المجتشد ."بالمرارة والعشق والشجاعة
أقرأ وأبكي ربما لأنني ومن وجهة نظري أديت واجبي كاملًا ، لم يعد في مقدوري بذل المزيد، لم أد أستطيع التغلب على مخاوفي، بل ولم يعد لدي رغبة في بذل المزيد، لأن لاشيء يتغير، وليست المشكلة في ذلك بقدر ما هي ،مسألة اللا حل، اللافهم، اللاشيء!
أعرف الآن أن كل ما يهمني الآن هو الهرب، من هذا الزمكان بكل تفاصيله المرهقة على كل المستويات، وددت لوهربت غلى زمانك مثلًا، صحيح أن الأمور لم تكن أفضل،وصحيح ان هذه ليست المرة الأولى التي أفكر فيها في الابتعاد، لكن الأمور هذه المرة أكثر جدية،لذلك وددت لو أنك جالس أمامي، كأبٍ نتحادث ونتكاشف كما لا أستطيع أن أفعل، وتفاجئني هيلين بقولها عنك
"لم نفعل أي شيء لنمن أنفسنا من الانجاب، إلا أننا لم ننجب، ربما كانت حالتنا الصحية هي السبب، لكن نيكوس اعترف لي ذات يوم بانه لو كان خلف بنتًا فانه ما كان ليستطيع أن ينام نومًا هادئًا، ولكان حاله مثل الكريتيين المتقدمين في العمر، وكان سيسأل "متى عادت؟"و "الى أين ذهبت ومع من؟" ولجز عن الكتابة لانشغال عقله بها.كان سينزعج لأسباب أخلاقية، ويتحول إلى كريتي حقيقي. لقد اعترف لي بكل هذه الأشياء التي لا تصدق."
بعد قولها ذلك لم يعد بامكاني التكهن بردة فعلك، ولا بمشورتك ليّ، لقد أصبت بخيبة أمل كبيرة، حتى في حلم صغير جدًا أن تتفهمني، وهل تعرف ما المثير للسخرية؟ ان هنالك الكثيرين من البشر يتخذونني أيقونة لصفة ما، الأمل، التفاؤل، السعي!
لو يعلمون كم هم مخطئون بحقي؟
وأكذب لو قلت أن كل ما يضايقني شخصي بحت، خلال الأسابيع الماضية كنت قد اختبرت مواقف لم اتعرض لها من قبل، وكادت كل المثل التي أؤمن بها تنهار، لكن انفراجة ما حدثت وتعدلت الأمور، لتسوء من نواحٍ أخرى، وعلى أصعدة أخرى، صحيح أنني كنت شبه معزولة عن كل ذلك الزخم، لكن هنا أيضًا مشكلة أن تشعر أنك مغيب تمامًا عن كل ما يدور حولك، ولو كان هذا باختيارك، فمن منا لم يسأم سقوط المزيد من الشهداء؟ من منا لم يسأم الفساد بأشكاله وصوره؟ من منا لم يسأم الوعود البراقة والكلمات المداهنة؟

آسفة على كتابتي لك وأنا على هذه الحالة، ولكن أعدك أنني سأصير على ما يرام، قبل لي هيلين..

الأربعاء، أكتوبر 22، 2014

هالويين

لا يحتاج الاحتفال بالهالويين أزياء مميزة ومكياج مخيف كما تفنن طلبة الجامعة في محيطي الحالي، الأمر أبسط من ذلك بكثير، على الأقل لي ، وابتدأ الأمر من أمسي، كنت في طريق عودتي للسكن بعد إنهائي مهمة عاجلة وسريعة،كنت قد أرجأتها ستة أشهر كاملة لسوء فهم ما ولكن الأشياء تحدث متى ينبغي أن تحدث، ركبت الميكروباص في الطريق الذي أسلكه لأول مرة لألاحظ أن غريبًا يحدق بي، تجاهلت الأمر مرة، لأنتبه أن نظراته تخترقني كما لم يحدث في حياتي، لا أتذكر الوجه ولا الملامح، حتمًا لا أعرفه، لم يضايقني الكرسي المهتريء الذي أجلس عليه، ولا صعود الركاب المرتطمين بالكرسي وبي، لاشيء من هذا ضايقني، لكن الشعور بالاختراق والتهديد جعلني أدمدم، وددت لو ترجيت السائق لينطلق بأقصى سرعة، وفي الطريق الذي لم يطل قفز إلى ذهني احتمال لاأصدقه، هل من الممكن أن يتحقق ما كتبت عنه الأسبوع الماضي ولو على سبيل الصدفة؟
الفكرة والاحتمال بدوا جليان في الصباح حينما سكبت عن غير قصد كوب الشاي باللبن الذي لم أنعم منه إلا برشفات قليلة! 
حاولت التلهي بتنظيف الفوضى التي أحدثتها، وهرعت بعدها لكي ملابسي التي لم تنعم بما كان مقررًا لها، بل بحرق سببه عدم انتباهي أن احداهن عدلت الحرارة إلى أقصى ما يمكن!
وفي طريقنا القصير تعثرت في شيء ما عند المدخل لم أنتبه له بقدر ما انتبهت للحارس يضحك مني، ولم أنتبه لتفاصيل كثيرة في دراستي، لم أكن شاردة في شيء بعينه، كنت تائهة أترك حقيبتي وأرحل، أفتح الشباك وأشغل المكيف، وأنتبه لكل تفصيلة على حدة وأنتبه لتركيزي المشتت، يضايقني كل هذا إلى أن أنطلق في مهمة لم تستغرق وقتًا طويلًا لكنها أسعدتني ، خاصة حينما سألني الموظف: عايزة ترقيم دولي؟
أجبت بأنني لا أعرف ما فائدته..
فأجاب :أنا هعملهولك في حالة واحدة لو هتبعتي نسخة لفيروز..
أبتسم وأغمغم: بس اديني العنوان وأكيد هبعته..
وبعد انتهاء المهمة شعرت بالسعادة لأن الأمر كان أيسر من أن أرجأه لستة أشهر كاملة، لكن كوني أقدمت أخيرًا على الخطوة حدث يستحق احتفالًا لا وقت له الآن على الأقل، لكن ربما طلبة الجامعة المحتفلين بالهالويين عوضوني عن الأمر، ولو أن الأحداث المخيفة لا تتوقف، كأن تباغتني قطة ما منذ لحظات وأنا أكتب هنا وتضع قوائمها الأمامية على رجلي، في وضع هجومي ونظرة باثة للخوف، انتفضت صارفة لها، متذكرة ما قاله لي أخي منذ مدة حين أغلق باب السيارة على إبهامي مسببًا ألم ًا مبرحًا، قال: "أطيلي سجودك والدعاء ليخفف ذلك عنك من وطأة الأشياء الصغيرة التي توجعك، صحيح هي تكفر ذنوبك، لكن للدعاء فوائد لا تحصى"
وربما عليّ العمل بنصيحته بعد كل أحداث الهالويين.

السبت، أكتوبر 18، 2014

ثرثرة 11

أود لو أستسلم للنوم، أجفاني مرهقة وناعسة، لكن ذهني يقظ مؤرق، بين حكايتي العجيبة وشتات حكايا الآخرين الذين تتقاطع طرقهم معي ولو في مفترق طرق، لا تفاجئني اختياراتهم، بقدر ما يفاجئني جرأتهم ولو باتخاذ قرار التراجع! 
أتذكر قول زميلتي "هو ده الانتخاب الطبيعي اللي بيحصل لنا دلوقتي" 
وسؤالي لها: "مؤمنة بإن نظرية داروين حقيقية في حياتنا اليومية؟"
لم تجب عليّ، الآن يتكرر السؤال بتكرر الموقف، ظروف قاسية ترغم صاحباتها لى التراجع عن خطة ثلاث سنوات مقدمة، لأسباب وجيهة في الحقيقة، وليست المشكلة في أنني أفكر في التراجع بقدر ما أفكر في حقيقة ألا عدل في هذه الحياة، ربما هي المساواة في حق الاختيار وتنوع أبواب الرزق، ربما أنا أهذي!
أحاول أن أبهجني قبل النوم بطلاء الأظافر بلون عجيب، بلا جدوى فيما يبدو، والأسوأ أن رائحة الطلاء النافذة إلى أحشائي ستجعل النوم أصعب، وغدي كسائر أسبوعي الماضي متخم، ولابد من أداء كل المهام المؤجلة، لكن هذا كله لا يؤرقني بقدر سؤال لا جواب له: "لماذا ليس من حقي أن أنعم بلحظة أبدية مع من أحب كتلك التي نعمت بها مع لبنى الأسبوع الماضي؟" 
السؤال الذي باغتني كثيرًا في قطاري للمدينة التي لن أسمح لها أن تقهرني، ولو أحسست بانهمار دموعي!

ربما هي ليست ثرثرة كعهدي بها..

الخميس، أكتوبر 09، 2014

ثرثرة 10

كان يومًا عجيبًا غريبًا مريبًا، بدأ بإن أقلتني سيارة أجرة للمحطة، فاجأني السائق حين توجهت للمقعد الخلفي بأن اجلسي هنا في الأمام، وحين فتحت الباب الأمامي انتبهت أن المقعد الأمامي قطعة واحدة كالأريكة، ارتبت خاصة والساعة لم تجاوز السابعة صباحًا، بيد أن مظهر السائق وكلماته طمانتني، كان كهلًا يرتدي جلباب خاكي اللون وقبعة تشبه قبعات الاندونيسيين، وله لحية بيضاء خفيفة، حين ألقيت عليه السلام، لم يكتف بالرد بل زاد عليه قائلًا: "ربنا يحنن عليكي يا قلبي، وييسر لك الخير..وكل سنة وانتس طيبة..." وكلمات دعائية أخرى لا أذكرها، فقط علق بذهني ما قاله عند وصولي وجهتي:" تروحي وترجعي بالسلامة وربنا ييسر لك الخير"..وددت حينها لو سألته هل تعرف إلى أين أنا ذاهبة، وعلام أنا مقدمة في الأيام القادمة، لكن السكينة التي استشعرتها كانت أعمق من أن أتعطل وأروي فضولي، وجدت القطار في انتظاري على الرصيف، جلست في كرسيّ الذي كان قد ضبطه أحدهم ليواجه الصف السابق له فيجلس الأربعة متواجهين، وهكذا صرت أرى الصفوف التي كان من المفترض أن تكون خلفي وصارت أمامي، وصرت أرى بوضوح السيدة التي تجلس وأطفالها في أول صف بالعربة حيث يفصل بيني وبينها صفان، تعجبت من خواء العربة من المسافرين، وتذكرت أن الكثير من الناس اعتبروا باقي الاسبوع متممًا لأجازة العيد، وتوجست أن هذا ربما يعطل مصلحتي اليوم، لكن التهيت بالكتاب الممل الذي كنت أشرد كثيرًا أثناء مطالعته، وإحدى شروداتي كانت بسبب ما تناهى إلى سمعي من ترتيل ابن السيدة السالفة الذكر قائلًا:" وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا" أظن أنه يرتل يس، لكن ما تلاه فيما بعد كان دعاء من كان مقدمًا على أمر جلل، تذكرت السائق، وقلت لنفسي:" الله يجري رسائله لكِ على ألسنة عباده" وكنت لحظتها أرمق الطفل بعجب نبه أمه فطلبت منه أن يخفض صوته، بينما أخبرته أن دعيه، أكمل الفتى ترتيله الذي لم يصلني منه شئ بعدها، والتهيت بكتابي مرة أخرى إلى أن انتبهت ونحن على مشارف القاهرة أن السيدة غادرت، وأن القطار أخرني عما توقعت، وإن كنت لم أعد أتذمر بشأن الأمر، وصلت وجهتي القريبة من ضريح سعد حيث لم استطع سوى الاشارة اليه والدعاء، وبعد المرور على أكثر من موظف أدركت أن لا شئ يمكنهم تقديمه لي، وعليّ العودة فورًا لطنطا حيث الكثير من الاجراءات التي لابد أن أنهيها اليوم، كنت قد وصلت المحطة قبل نصف ساعة كاملة من موعد أول قطار، وكالعادة دلفت إلى ألف، ووقفت بعدها أتأمل اللوحة التي لابد أن تعلن عن وصول القطار  لتعلن عن تأخرع ربع ساعة كاملة وبسؤالي عرفت أنه قطار الصعيد،ودومًا قطارات الصعيد تتأخر أكثر من ربع ساعة،والبديل الذي أعلنته الشاشة كان قطار غير مكيف وتوقيته هو ذات توقيت القطار بعد التأخر المفترض، انتظرت لخمس دقائق قبل الموعد، وحين لم أجد بدًا من عودتي الفورية توجهت للقطار الذي أكره، وليست المشكلة في طقس هذا القطار بل رائحته،وسلوك  من يركبونه، كان أبي قد حثني طوال سنوات سفري على ركوبها بديلًا على الانتظار، وآخر مرة سافر فيها وحده للقاهرة ركب أحدها وأنا أخبرته أنه سيدفع غرامة كبيرة لي إذا ركبه مرة أخرى، لأنها غير انسانية بالمرة!، وفي طريقي للقطار تذكرت كل ذلك، وأنني حين أحكي عما حدث سيسخر مني وينتقم، وقبل أن أصل للقطار أنقذتني الاذاعة الداخلية التي أعلنت وصول القطار الكتأخر على رصيف آخر، هرعت إليه وأنا أحمد الله، خاصة بعد ان اكتشفت أن القطار لن يقف سوى في طنطا مما يعني أنني ساصل في غضون ساعة واحدة، وبين القراءة والتفكير فيما يجب أن أفعل، وطنت نفسي على أنه لن يسير كل شئ بالسلاسة التي أتخيلها، لابد سيكون هناك معرقلًا ما، لكنني سأحاول الوصول لمرحلة بعينها هي هدفي المنشود في الساعتين المتبقيتين من يوم العمل، صحيح ان الزحام اشتد بالفعل وعلي الذهاب للمشفى لأحصل على أول خيط اجراءاتي كانت زميلة عزيزة أعدته لي بينما أنا في رحلة العودة، لأهرع إلى المصالح الأعلى ليوافقوا على طلبي، مشى كل شئ بسلاسة تامة ، وبقيت لي خطوتين على هدفي،وهي بين مصلحتين في منطقتين مختلفتين، يخاطبان بعضهما، ووعدت من المفترض أن يكون الأخير أنني لن أستغرق أكثر من نصف ساعة قبل أن أعود له، كان واثقًا انني لن أنهي أوراقي اليوم، وكنت واثقة انني سأحاول أقصى طاقتي، وهكذا عدت للموظف المسئول حين لمحني اخذ يبحث عن شئ على المكتب أمامه، وأنا أسأله عم تبحث؟ ولايجيب، فتح درج مكتبه وظل يبحث،ثم أغلقه/ وعاد للبحث على المكتب أشرت له على عويناته والمحمول والقلم، ولم يكن هناك شيء آخر، حتى أخرج الولاعة واشعل بها سبرتاية صغيرة تحت المكتب لعمل القهوة معللًا: "أصلي مشربتش قهوة من ساعة الصبح" ابتسمت مغمغمة أنني أفهم الشعور، أحالني بعدها لأقسام اخرى لتوقيعات ضرورية اتممتها جميعًا في عشر دقائق وعدت لأجده يقلب قهوة جديدة، تعجبت وسألته :"لسه معملتهاش؟" قال:"لا دي واحدة تانية اصل مديري طمع فيها" وراجع الأوراق ثم بدأ يكتب الورقة التي أنتظرها، ليكتب "محمد جلال الديم" لم أعلق حتى سألني عن الجامعة التي أدرس بها فقلت :"أنا مش محمد، أنا داليا واضح انك محتاج قهوة فعلا"، غير الورقة ليخظئ في اسم الجامعة الذي أمليته بوضوح، ليغير الورقة ثانية، العجيب أنه لم يبد عليه أي أثر للشرود أو قلة التركيز، حتى أخيرًا أنهى الورقة ووقع عليها وطلب مني أن أوقعها من مديره وأعود له، وكان المدير على وشك التوقيع لولا أنه منعه لأنه يشك في أمر شيء وأخذ الأوراق جميعًا معه!
عدت لأسأله عن الأمر تعلل بأنه بحاجة لأصل ورقة ما، واستعان بزميلة له وأكدت الأمر، قلت لها أنني سأحرص على أن يصلهم الأصل يوم الأحد على أن يتموا لي الأوراق الآن،  لكن لاحياة لمن تنادي، أخرج ثائرة بينما زميل لي لا أستبشر به إطلاقًا يحاول تهدئتي ، شكرته في حدة لأحادث أمي في الهاتف، حكيت لها ما حدث وبينما افعل سألتني عجوز ما لطيفة عمن يتولى مصلحتي، شكرتها لأنني سانهي الأمر اليوم كما ظننت، في حين اشارت عليّ أمي بالرجوع لموظفة تعرفها ربما تيسر الأمر وتضمنني لديهم لحين حضور الأصل الأحد، وحين لم يبد هناك بديلًا عن ذلك قررت الرحيل، وترك مجمل الأمرلأمي فهي تعمل بالمكان وما عطلها عني غير اجتماع ما هام، لقيتني العجوز وأنا أهم بالرحيل، فأوقفتني وقالت: لو أستاذ أحمد راضيه هو مش بييجي غير بكدة، أنا بنتي زيك كده فضلت سنتين مدوخها ع الورق وجبنا ناس كبار هنا ومفيش فايدة " وفي تلك اللحظة خرج ابنها الذي كان ينهي أوراق أخته/ فالتفتت اليه :"قول لها عن أ أحمد" فال ببساطة "دخنا سنتين لحد ما راضيته" ، سألته:"وعملت كده ازاي؟" قال:"مرة سلمت عليه والتانية فتح الدرج" ..قالت أمه:"استني شوية لما الدنيا تهدى واقعدي جنبه وراضيه وهو يخلص" ورحلا، بينما أتذكر آخر عبارة قالها قبل أن أغادر المكتب:"كده القهوة بقت مضبوطة!" ..حين راجعت كل الأحداث اكتشفت غبائي الشديد، لقد فتح الدرج ولمح للقهوة، وأنا جاريته بحسن نية متناهية ولاعلاقة لها إطلاقًا بقهوته، لقد أخطأ متعمدًا مرتين في الأوراق لأخرج الأموال، لكنني كنت أصحح له بتلقائية شديدة وثقة، جعلته يظن أنني لن أخرج الأموال إلا حين ينهي الأمر برمته لذلك تراجع وعطل كل شيء، بينما أنا ثائرة وغبية ولن أجاريه أبدًا حتى لو كنت أكثر ذكاء!
وأنا في طريقي للقاء الصديقة لم يسعني سوى التفكير في أن هذا ربما ذنب راكب القطار النائم في مقعد ما في الصف الذي أمامي والذي أشار للكمسري أن وجهته طنطا، وحين وصولنا ارددت أن أوقظه، ولم أوقظه وتركت العربة وأنا متسامحة كليًا مع فكرة أنه بسببي ذاهب للاسكندرية، فلن يتوقف القطار إلا هناك!
أنا مدركة أن كل تأخر هو خير، لذلك فلا بأس، كل القضية أنني أحب أن أنهي أموري كلها بنفسي، ولكن ربما حدث كل ذلك لعلة. وضايقني انفعالي الزائد الذي فاجأ الصديقة وقضى على تركيزي معها تمامًا، لأعود دومًا لنفس القصة!

الخميس، أكتوبر 02، 2014

رسالة إلى ك.......

عزيزي نيكوس:
لن تصدقني إذا قلت أنني أفتقدك، لأننا لم نلتق من قبل، ولأنني لم أعش زمانك أصلًا، لكن الحقيقة أنني رافقتك في أكثر من رحلة في حياتك، رافقتك في ابداعاتك التي لا مثيل لها، كان أولها "زوربا"، فلنقل أنني لم أفتن كثيرًا بقناعات زوربا، ربما كمثلك، وهي أيضًا أصابتني بالدهشة، وهذا لا يتعارض مع كوني أحببت زوربا جدًا لدرجة أنني اقتنيت منذ أيام قلائل نسخة من ترجمة أخرى لذات الكتاب، ولا أنا لم أملك النسخة الأولى، لكتها كانت محاولة صديقة للتسرية عني، ولم أستطع مقاومة إغراء اقتناء نسخة خاصة بي، نسخة أقرأها ما قريب، بينما زوربا يدهشني من جديد، وهذه النسخة بالمناسبة أرهقتني لأنها وما اقتنيت أيضًا كانت بمثابة عبء أثقل كاهلي يومها، لكنه أيضًا عبء محبب وواجب إخفاءه جيدًا، وإلا تعرضت للمعتاد من التأنيب بشأن كتب جديدة!

هل لازلت تتعجب من افتقادي لك؟
كان العمل الذي قرأته لك بعده "الإغواء الأخير للمسيح"، وهذا عمل يجعل من يقرأه يتشرذم، هذا كان شعوري على الأقل، وحين أفكر في هذا الأمر الآن أعرف جيدًا أن السبب هنا ليس براعتك فحسب في الوصف، بل لأنك تدرك كنه النفس البشرية، فترسم جميع نفوس شخوصك بريشة تجعل المشهد أكثر من جلي، تجعل القارئ متعاطفًا مع الجميع بلا استثناء، حتى لو كانت قناعاته المسبقة مبرمجة سلفًا على غير ذلك، وربما لو قرأ أحد الشكاكين رسالتي تلك لنعتك -بما يخالفك تمامًا- بأنك متآمر وعديم الإيمان بل وخطر على قناعات الآخرين! ، ولقد اتهمت بالفعل بذلك مرارًا وعلى طوال العقود وحتى يومنا هذا، ولكن الحقيقة أنك إنسان لا غبار عليه، كنت أعرف هذا حتى قبل أن أطلع على ما كتبته عنك هيلين رفيقتك العزيزة في كتابها البديع "المنشق"..

لقد استمتعت برسائلك لها إلى حد لا تتخيله، وأنا حين أكتب لك الآن، أكتب بناء على طلب منك لها لإن تكتب لك بينما أنت بعيد عنها، لقد قاومت رغبتي تلك كثيرًا لو تعلم، لكن لم يعد باستطاعتي أن أؤجل هذا أكثر، ليس لشئ سوى أنني شعرت بإلحاح أن أفعل هذا الآن، وربما يبدو هذا غريبًا لأول وهلة، لكن الحقيقة ألا غرابة في الأمر على الإطلاق، أنت تفهم تمامًا البشر وستفهمني تمامًا حين أقول لك الحقيقة: لوهلة أحسست أني هيلين وأنك تكتب لي، فلنقل أنني تمنيت أن أكون كنتها في زمن آخر، والحقيقة أن هذه ليست أول مرة اشعر فيها بذات الشعور، الأولى كانت حينما كتبت عبلة الرويني عن الجنوبي أمل دنقل، وقتها عايشت ذات الحالة ولو أنها هنا معك ومعها أعتى، ربما لأنك تشبه إلى حد كبير الصورة الذهنية التي كونتها عن أحدهم، كان مقربًا وحبيبًا إلي، ونعم: كان!
هل تعرف ما في الفعل الماضي من قسوة!
لا تسيئ فهمي، أنا لا أتحسر على فوات الماضي، ولا أحاكمه، ولا أندم على عيشه، ولا أنتظر شيئًا من المستقبل، لكن من يمكنه أن ينكر يا عزيزي أن الحب بكل أحواله:عسلها ومرها، لا يعوض، أن تشعر بالسعادة الغامرة من أشياء جد بسيطة وصغيرة، وكآبة منكرة من أصغر شئ ولاشئ، هذه الحالة العجيبة من التناقض الذي لا يمكن وصفه ولا تبريره، فقط معايشته!
وكما ترى أنا الآن خارج الحب، هذا ما لم أتخيله أبدًا، هل يصح الوصف أصلًا!؟ 
الأدق أن أٌقول أنني داخل اللحظة الراهنة، أنا الآن!
وربما تشعر أن هذه جملة ناقصة، لكنها أكثر تمامًا وبلاغة من أي تعبير آخر، أنا أعيش اللحظة الحالية، اللحظة التي أنقر فيها هذه الكلمات، والتي تتزامن مع رغبتي الملحة في الحديث إليك الآن، وأنت هناك في البرزخ الذي لا يشكل أي مانع من وجهة نظري.
وهكذا فأنا لا أنظر خلفي ولا أتطلع أمامي، لاأحزن من الماضي وعليه، ولا أتطلع للمستقبل وأقلق منه، وهذا ربما يشعرني بجنون تام!
هل يلخص كل ما قلته سابقًا عذاب البشرية الآن؟
ربما!
فالبشرية الآن ياعزيزي تعاني كما تنبأت تمامًا بقرون وسطى ممتدة لمئات من السنوات، وسبب معاناتها هو الحب والزمن، هذا تفسيري المتواضع للأمر، فالبشر إما يعيشون الماضي أو يتطلعون للمستقبل وفي الحالتين إما باحثون عن الحب أو هاربون منه!
وكم من جرائم ترتكب في هذا الإطار ولاأحد يلحظ أو يفهم!
لن يضايقني أبدًا أن ينتعتني القارئ المتشدق السابق ذكره بالجنون، فهذا ما لا يمكنني إنكاره، لكن لا يدرك الجميع الحقائق بسهولة، لا يدرك أحدهم ببساطة أن داعش، مثلًا تطبق نظريتي السالفة الذكر حرفيًا، وأن الحروب في كل الأزمنة أيضًا تفعل!
ولكنك تعلم كمثلي تمامًا أن النظرية ليست المشكلة، المشكلة في التطبيق، المشكلة في ذلك النابض بصدورنا والذي إما ينسبنا للإنسانية أو ما دونها!

شكرًا عزيزي نيكوس على رحابتك التي انتقلت لي عبر الكلمات، شكرًا عل الحياة التي تنبض من كلماتك، شكرًا لأنك إنسان.

الأحد، سبتمبر 21، 2014

دين

أدين لسبتمبر بالكثير من البدايات الفارقة في حياتي
أول دراسة غيرت حياتي
لولا فرصي القليلة.

أول حب
وربما آخره!

أول عمل أجربه حديثًا
لأكتشف الكثير الخافي مني


أول فرصة ربما ستغير حياتي كلها..



السبت، سبتمبر 20، 2014

ولكم في الخيال حياة


ﻻ شئ أعذب من رقصة فالس برفقة بحر

الموج خطواته

والشمس تحسدنا بينما شتراوس يعبر الدانوب اﻷزرق.

ولا أمتع من عناق السماءبينما تدفعني الأرجوحة لحضنها

ولا أقسي من مفارقة كل هذا والعودة للواقع اليومي الممض

لوهلة أظنني ساحرة، 

لأن الكتاب الذي أقرأ ساق الغمام إلى السماء الصافية!

ليودعني البحر بأمواج عاتية

والسماء بأمطار ثقيلة

فأرحل على غير رغبة منيوتزورني الحمى طوال ليل ما بعد الفراق!

الاثنين، سبتمبر 15، 2014

لا صورة تحكي..

الصورة لا تحكي شيئًا، الصورة تؤطر لحظة بعينها، لا أقول تسجلها، بل تثبت ما تبدو عليه للعيان، لذلك لم ألتقط صورة لي وأخي على مقعدين متجاورين بقطاري ذهابنا وعودتنا معًا،أعود لقولي منذ سنوات:"أن أجمل الصور هي تلك التي نلتقطها بأعيننا وترسخ في ذكرياتنا دون حاجة إلى آلة تفعل هذا عنا" ، صحيح أنني منذ أيام تمنيت أن تعود الأيام بي للطفولة، للحظة جلينا أنا وهو بين أيدي المصور بعد إصرار أبي على تصويرنا رغم أننا كنا قبلها نلهو ونعدو،فكانت شعورنا مشعثة، حسب رواية امي الحبيبة، إلا أنني لا أتذكر شيئًا من ذلك، لكنني وفي المقابل سأتذكر هذا اليوم، حيث تحدثنا ثناء الرحلتين، في الذهاب طالعت كتابي بينما هو استمع إلى أغانيه، في العودة كان معي كاتبان، أعطيته الجديد لأكمل روايتي، إلا أنه وبعد لحظة بدل معي الكتاب، وطالع كل منا ما بين يديه ، ولم ننتبه للطريق إلا في قويسنا، وحين قاربنا على الرصيف، سألته بينما أعيد الكتب إلى حقيبتي:" وصلت لفين؟"
فاجأني:" كنت بمثل إني بقرأ!"
ابتسمت وقلت له :"كل الطريق ده؟، طب كنا نتكلم.."
ابتسم وعاد لجديته:"وصلت لحين كانت مدام بوفاري متضايقة من طريقة تربية ابنها.."
شردت لحظة في محاولة تذكر ذلك، لأنني أوشك على إنهاء الرواية، بينما هو قال:"انتي صدقتيني لما قلت لك بمثل"
ابتسمت..
 لا صورة يمكنها الإحاطة بأي من هذا، لا صورة يمكنها حكي هذا..
وأحيانًا ، وكما كنت أقول للبنى يومًا:"الصور كذابة
الصور محدودة  
واحنا ملناش حدود
بس بنضحك على نفسنا بالحدود!"

هل يعني هذا أنني لن ألتقط المزيد من الصور؟
لا ..
هذا يعني أنني سأعيش حياتي مع بعض الصور لكنني لن أصدقها دومًا، سأثق أكثر في الحكايا..

ثرثرة 10

بانفعال كتبت عن الصرف والعروض، اليوم أدرك صدقي كلية، لأننا أحيانًا في سورة الانفعال نغالي ، اليوم جلست لأؤدي امتحان ذات المادة، هي ليست ممتعة في المذاكرة إطلاقًا، ربما بدت كذلك في المحاضرة اليتيمة التي حضرتها، وأمس لم أستطع أن أطالع شيئًا سوى العروض، وخيرًا فعلت، ولأول مرة يصحبني أخي في السفر لشئون تخصه، رفقته لطيفة ومسلية، وربما هذا صرف ذهني عن القلق من الامتحان، والحقيقة أن الكتاب الذي اقتنيته من ألف إثر وصولي للمحطة كان خير ملهي عن التفكير في المترو، وحين وصلت الجامعة لم أنفعل كما تخيلت في آخر عوداتي إليها،-هكذا تخيلت على الأقل- وحين استلمت ورقة الأسئلة والاجابة ترددت لحظة :هل أجيب بالترتيب كعادتي، أم أبدأ بالعروض؟، وقررت أنني سأبدأ بالترتيب، وقبل أن أبدأ سألني المسئول عن الكنترول عن نتيجة الفرنسية، وأجبت أن المسئولة في الدراسات العليا أخبرتني فقط بأمر إعادة الصرف والعروض، فغالبًا نجحت ، وحقيقة لم أهتم بالدرجة..
أجبت الأسئلة، وتعثرت في أسئلة العروض، لكن استمتعت بالرياضة الذهنية، لم يكن عليّ تذكر شيئًا، بل وزن الأبيات وذكر بحورها وما طرأ فيها من تغيير، ولوهلة تذكرت أنني أعرضت كثيرًا عن تعلم العروض، لئلا أفتن بالشعر وكتابت، لكنني أتممت الأسئلة بنجاح، وسلمت الورقة ومضيت، وقد اعتمل قلقي من السؤال عن الفرنسية، فسألت عن الأمر واكتشفت الحقيقة الصادمة: أن لا أحد يعرف شيئًا عن نتيجتي، لأن الورقة لم تُصحح حتى حينها!، 
حينها تذكرت مهاتفتي لأستاذي قبل الامتحان بأيام ليخبرني أنه لم يعد يدرس هناك! وحين سألت عن الأمر قالوا: ذاكري وتعالي الامتحان، هو غاضب مننا فقط!
ويوم الامتحان تلهيت بكتاب من أشعار مترجمة من الفرنسية لمصريين أو عاشوا في مصر، وظللت قلقة حتى سلموني ورقة الأسئلة، فوجود ورقة الأسئلة في حد ذاته دليل على تجاوزهم الأمر، لكن اليوم اكتشفت الحقيقة الغريبة التي صاغها لي المسئول عن الكنترول ببساطة: حاولي تيجي يوم الأربع عشان تمتحني،كان متحرجًا ولم يذكر ما حدث وحقيقته، وأنا وعلى غير العادة تعللت بأنني لن أستطيع الحضور بسبب العمل، لم أناقش الأمر، لم أثر، لم أفعل شيئًا سوى القول: بأنني ربما لن أستطيع الحضور بهذه البساطة!
وحين قابلت زميلتي بعد إنهائها الامتحان، وحين هاتفني المسئول عن الكنترول فقط ليشير أنني ربما لن أحتاج لخوض الامتحان مرة أخرى ،فقط على مهاتفته غدًا لأعرف ما حدث، العجيب أنني وحتى هذه اللحظة أتلقى الأمرببساطة وسخرية، ولا أعرف لو تطلب مني الأمر أن أذهب هل سأفعلها حقًا أم لا!
زميلتي قالت حين عرفت بالأمر أنها على استعداد تام للتدخل والمطالبة بحقي، لكنني قلت لها ببساطة: لا أريد أن أعكر صفوي بمثل هذا الأمر، لن أكدرني وسأنتظر ما يجد في الأمر، استجبت وأنا الآن متعجبة مني أكثر منها، فلا بركان غضب هنا، ولا ثورات، ولا اتهام للآخرين بالتقصير أو أي شئ من كل هذا، رغم أنه لو حدث سيكون في محله تمامًا!
أمس وأثناء مغادرتي لسيارة أغلقت الباب على إبهامي الأيمن ، لتنتبه السائقة ورفيقتها إلى آهتي العالية المتفاجئة أيضًا، لحتى احتال ثلث إظفري للون بنفسجي، أوهمتني كثيرًا أنه طلاء أظافر ما، لكن الألم الذي لازمني طوال اليوم وجعلني حانقة ولا رغبة لي في أي شئ، بل جعلني الأمر برمته أختنق!
واليوم وبوجود أسباب وجيهة للضيق والحنق، لا أشعر بأي من ذلك!
تذكرت قولي لزميلتي في محاولة لشرح الأمر: ربما أنا أحنق وأطالب بحقي وأثور في أمور جد صغيرة، أما الأشياء الكبرى فأنا أتقبلها ببساطة!، ربما لأنها متوقعة، ربما هي تتحدى صبري واحتمالي، لا أعرف، لكنني إلى حد كبير أتقبلها ببساطة! 

الثلاثاء، سبتمبر 09، 2014

صورة تحكي 3

الصورة لا تحكي شيئًا وحدها
الصورة تحتاج نسج الكلمات حكاية
العصافير تفطر من زرعي
ترقص فرحًا طربًا في الشرفة
أدركها ولأول مرة
 ولو أني اقتحمت مسرحهم لفروا هلعًا
التقطت الصورة غير واضحة لواحدة من السرب
لم تعجبني الصورة،  وحين قررت الاقتراب قليلًا ،
فروا هلعًا!

الاثنين، سبتمبر 08، 2014

صورة تحكي 1،2 *


من النافذة أطل على الحياة، ربما لأراها بعيني اللتان لم يتغير لونهما منذ قدومي إلى هذا العالم عن اللون الأخضر، والتي أفضل إخفاءها خلف نوافذ أخرى لتطل منها على العالم، وربما كي يراني البشر عبرها...

نعم كانت تلك إطلالتي من القطار أمس، بينما أستكشف عالمًا جديدًا سأكون فيه يومًا ما وحدي تمامًا، وحيث لن يجمعني بمن أحب سوى الذكريات، ستكون المسافة أكبر من صنع ذكريات جديدة، اللهم إلا عن طريق الاحتيال والتكنولوجيا ، وأدرك الآن أن هذا ليس جديدًا أبدًا عليّ، فمنذ عامين تواجدت في مكانين في ذات الوقت، ودون حيل سحرية، تواجدت في المكان والحدث حيث كان حشد ممن أحب، وحكوا لي جميعًا ما حدث، وأذهلتني التفاصيل الكثيرة والمتنوعة والمتباينة التي وصلتني، ربما لو كنت هناك لما استطعت أن أحيط بكل تلك التفاصيل، وحين أدركت هذه الفكرة بعدها تحررت تمامًا من ضيق العجز والمسافة.

لم أدرك إلا الآن لماذا أحب النوافذ كثيرًا، فأنا أفضل دومًا كرسي النافذة، وفي المقاهي والمطاعم أختار أقرب الأماكن للنافذة، وربما أختار المكان ذا النافذة الأكبر، لأنني أحب الحصول على أكبر قدر ممكن من التفاصيل، وليس هذا فحسب بل أن أكون على مسافة جيدة من التفاصيل، المسافة التي هي ليست بالقريبة لتجعلني أسأم، ولابالبعيدة فلا أميز أي شئ، ربما أنا أحب مشاهدة الحياة تحدث حولي، وفي ذات الوقت مشاهدة تسمح لي بأن أحياها كما أحب، ولا أستطيع الآن أن أحدد كيف احب هذه الحياة؟ لكن في أمسي ذكرى لطيفة تلخص الأمر: كان لدي أكثر من أمر أود انجازه ووقت محدود محدد سلفًا فلا مجال لاضاعة دقيقة في الطريق الخطأ أو التفاصيل الخطأ، لكنني وبعد أن عبرت بتذكرتي في المترو خط الجيزة كما تعودت، أدركت أن وجهتي هذه المرة مختلفة وأنها باتجاه حلوان، لأغير الاتجاه من الرصيف، وأدركت الآن أن الخروج والدخول ثانية في الاتجاه الصحيح كان الخيار الأفضل، بسبب جحافل البشر التي تعيق الحركة، وربما لم يهن على الأمر سوى السيدة المنتقبة وطفلها الذي تابعني بنظره بعد أن سألت والدته عن ذات الاتجاه لتسلكه، شيئ ما في نظرة الطفل البرئ أخبرتني أنني في الطريق الصحيح، وحين وصلت وجهتي  جوار قبر سعد، اكتفيت بأن غمغمت في سري ما هو معتاد في مثل هذه المواقف بيد أنني كنت قبيلها بقليل أغمغم في سري أيضًا "سعد سعد يحيا سعد"، في محاولة مني لتخيل أن كل هذا الزحام ما هو إلا مظاهرة في عهد الراحل!
وحين وصلت وجهتي ترددت أمام باب زجاجي، أستكشف من وراءه المكان والبشر، وفي ذان اللحظة مر أحدهم وتعجب من وقفتي المتأملة للاشئ في الواقع، وقال ادخلي مفيش حاجة تخوف ورا الازاز، محدش هيخطفك ، ومضى في طريقه المعاكس لطريقي، لأنتهي في وقت عودته تمامًا ليجدني أيضًا أمام  الباب الزجاجي مغادرة: هتتفرجي تاني؟ ، ابتسمت وغادرت.

ربما هذه التفصيلة الصغيرة ضمن الكثير من التفاصيل تلخصني ببساطة، فالصورة التي التقطتها من نافذة القطار كانت آخر صورة من ثلاث صور التقطتها فقط لأكتب عن السفر ومتعته وفوائده وعن القطار وحكاياه، الصورة الأولى كانت لقطار العودة وهويصل للرصيف، ولم أتخذ القرار بسرعة لتكون الصورة مواكبة للحدث فجاءت صورة لأحدهم على متن القطار بالفعل، والثانية هي انعكاس لصورتي وآخرين انضموا لي عرضًا أثناء التقاطها على زجاج نافذة القطار الخارجية، والثالثة التي ترونها لا يميزها أي شئ سوى النافذة التي لم أطل منها سوى لحظة التقاط الصورة ولتفقد اين صرنا من الطريق بينما أطالع كتابي الجديد  الذي قررت شراءه وكتب أخرى من باب توثيق لحظة سعادتي بانتهاء يومي أفضل مما أملت.

ربما أيضًا الاطلالة من شرفة الأصدقاء كانت مبهجة وهازمة لخوفي من المرتفعات لأتحمل عشر دقائق كاملة وحدي ودون تذمر،ربما أيضًا تفضيلي النوافذ سببًا مباشرًا لكون لدي الكثير من التفاصيل التي تؤهلني لحكي كل التفاصيل التي أرغب في حكايتها، وربما تشبه كلماتي تلك الأحجية الشهيرة :" من أسبق الدجاجة أم البيضة؟" ، ولكن لا بأس، طالما أن الأمر جعلني في تلك اللحظة التي أنقر فيها هذه الكلمات مرتاحة جدًا، ولا أشعر بأي ضغينة تجاه أي إنسان ولا حتى جارتنا التي تقابلني منذ أمس بداية، بتعليقات وتشبيهات عجيبة الأطوار، ولا أملك سوى الضحك كلما تذكرتها.


باختصار أنا أحب النوافذ التي تجعلني محيطة بقدر أكبر من التفاصيل حتى لو كانت تافهة وغير ذات جدوى، ولا وظيفة لها في حياتي سوى إعمال الخيال المحدود جدًا.

ضمن فعاليات صورة تحكي

الثلاثاء، أغسطس 26، 2014

قتل رحيم

لا أحبها
ولا أحتمل وجودها في أي مكان
فلا نمكث معًا في غرفة واحدة!
 لكنني حين لمحتها في حالتها تلك
لم أحتمل أن تتعذب وتشتعل أكثر من ذلك!
قتلتهاببساطة وطأتها بقدمي
السيجارة التي ألقاها أحد العابرين ومضى!

الاثنين، أغسطس 25، 2014

هلوسات

-1-
هاتف لا يتوقف عن الرنين
لا أقوى على مجرد  النظر إليه
صخب تلفاز لا أميز منه شيئًا
سوى طرق برأسي يضني روحي
لا أستطيع فعل اي شئ سوى الرقاد حيث أنا
غير عابئة بأي شئ
لا الأصدقاء المتصلين
لا أخي الذي ينكافني لأفيق 
لاشئ سوى ذلك الطرق 
الدق 
النقر 
النافر
برأسي!


-2-
أفيق
أكتشف حقيقة الهلوسات
الحمى جعلتني أمزج بين الحقيقة وما دونها
هاتف لم يتوقف عن الرنين بالفعل
لكن المتصلين ليسوا من ظننتهم
لكنهم من أردت الاتصال بهم!

أخي ليس هنا
هو بالاسماعيلية منذ يومين
وتمنيت لو ينكافني لأفيق

  لاشئ سوى ذلك الطرق
الدق 
النقر 
النافر
برأسي يسود!


الهلوسات حقيقة والحقيقة هلوسات
ولا اقوى على أي شئ 
سوى الرقاد هنا
أسأل ربي: العلة في المعدة التي هي بيت الداء، لكن الأعراض ليست معوية!
أم أنني أنا دون سواي -ولست وحدي المريضة- أحشائي برأسي؟!


  فلاشئ سوى ذلك الطرق
الدق 
النقر 
النافر
برأسي يسود

الجمعة، أغسطس 22، 2014

ثرثرة 9

يومان طويلان، والكثير من التفاصيل، أبسطها أنني لم أنعم بقسطي من الكسل الأسبوعي المحبب، ولكن هذا لا يضايقتي، فالتجربة و التفاصيل تستحق كل الارهاق الذي أشعر به، لكن لو أن الصداع يتوقف! ، لو أنني استطيع ببساطة النوم دون التفكير؟ لو أنني أستطيع الثرثرة هنا دون أن يخل ذلك بما في جعبتي من نص لم يكتب بعد، وأي إشارة أو تفريغ شحنة هنا سيذهب الحالة والأفكار!
والحالة لاتحضر كثيرًا!
الكلمات العذبة لا يمكن استدراجها وتنبؤها!
وهي أيضًا سريعة الزوال، ولا أريد أن أسجلها بنصف عقل أو بخردلة شعور..
الالهام كان
وأشياء كثيرة تغذيه،
ولكن!
ربما لو كنت قابلت لبنى كما وددت لاختلف الأمر، لكنني ظللت أنظر للساعة:
هي الآن في العمل، حينما تنتهي سأهاتفها-
هي الآن انتهت، ولكن اليوم الخميس، ربما لديها خطط أخرى-
لن أعرف بخططها الأخرى من عدمها إذا لم أهاتفها، لكن ربما تسيئ فهمي..- 
أقرر أن لا ضرر إطلاقًا من الانفراد بذاتي، معي كل ما أحتاج إليه، نظريًا بالطبع!
هذا كله وأنا تائهة، بين ما قالته خريطة جوجل في اليوم السابق وأكده ال GPS، وما أراه على أرض الواقع، لأسأل واعرف أنني تائهة بالفعل ، وأن الوصول لوجهتي يتطلب معرفة بالمكان ووسيلة ما غير المشي! فتكون أول سيارة أجرة  أستقلها وأقارن بين خط سير السائق وما يقترح الجهاز، إلى أن يقف أمام وجهتي تحديدًا وأنا غير مصدقة، لأن الجهاز يقول أن الطريق أطول،اتأكد  لا من التمثال الشهير الذي لا تكذبه عين، ولكن من الكلمات التي تعلن عن المكان، أطمئن أمي التي تابعت رحلتي العجيبة على الهاتف، وهي تنصحني من البداية ، من أول فكرة ال GPS، بأن الأمر غير ناجع وأنني حتما في المكان الخطأ،وراهنتني على ذلك! 
ربما أنا أثق بالأجهزة أكثر من البشر، رغم أن البشر هم من صنعوا الأجهزة وزودوها بكل شئ حتى تعمل كما تعمل!
 ، ألتهي بأمور لا تمت بصلة لما أفكر فيه، أتعرف على الكثير من الفتيات من محافظات مختلفة، أمرن ذاكرتي على   حفظهن بالأسماء والأماكن، وأندهش تذكري تلك التفاصيل..
كما الآن صداع، ورغبة لا يمكنني مقاومتها في النوم
وعلى النقيض قوة ما خفية توقظني بلا سبب مفهوم، رغم علمي أن القراءة الآن ليست فعلًا ينصح به، لأن الكتاب الذي سأهرع لاحتضانه سيزيد حالتي سوءً، وسيوقظ ذهني و حواسي ويخرج ماردًا لايمكنني مجابهته من قمقمه، كما أمسي..

ربما إذن أركز في الجانب الجيد من اليوم، الاختبار الذي أشعرني أنني كنت أفتقد اختبارات الاختيار من متعدد منذ الجامعة!
ورشة العمل التي شاركت فيها بانفتاح عجيب!
والأدهى التواصل، أن أقدم الاقتراحات،وأغادر وأنا واثقة أنني أديت جيدًا جدًا، وربما أنا لأول مرة لا أخاف الفشل، لا أحمل همه إطلاقًا، بل أتوقع النجاح، وهذا أكثر ما يخيفني، النجاح الذي يعني المغادرة، إلى عالم لا أحد فيه سواي!
والوحدة ليست ما أكره!
العزلة أيضًا لا بأس بها!
كلها أمور أنا معتادة عليها..
إنما هي الفكرة البسيطة السرعة = المسافة\الزمن
والمسافة كبيرة جدًا
والزمن طويل!
ولا لم أخطأ الحساب!
الناتج السرعة صغيرة جدًا!
السرعة تعني هنا قدرتي واستطاعتي على مغادرة الوحدة والعزلة التي أفرضها على نفسي!
والتي لن تكون حينها اختيارية ومحببة!
نعم!
هو النجاح ما أخشى..
هو النجاح!
لأن الثمن أغلى من كل شئ!
ولن يسدد فاتورتي التي ستكون مضاعفة سواي..
وليتها فاتورة سهلة السداد
فالشعور لا ثمن له!

كيف سأنام هذه الليلة؟
ربما سأحاول تذكر اللحظات الجميلة، لكنها أيضًا ستحيلني لذات الدائرة، أن النجاح سيحول دون وجود لحظات أسرية دافئة أخرى!
ربما إذن سأتذكر المهاتفات الأربعة من أمي لتعيد عليّ علامات طريق العودة في ساعة إلا ربع، وذات العلامات وتكرار ذكرها جعلني أتوه أيضًا، لأنني لا أحب أن يكرر عليّ أحد ذات الأمر، التكرار يصيبني بهاجس ما لا أستطيع تحديده، لكنه في النهاية يؤدي إلى فشلي وتحقق ما حذروني منه تحديدًا! 
ربما لو آمنوا ببساطة بفكرة أنني سأطلب مساعدة حين أحتاجها، وربما لو آمنوا أنني لست طفلة بعد، ربما لو آمنوا بأشياء كثيرة لما كان الابتعاد محببًا قاسيًا إلى هذه الدرجة التي تجعلني أعيد على ذاتي دائرة الخوف!

الخميس، أغسطس 21، 2014

في حياة أخرى (لقاء)

ربما كنت موسى في رده على من سأله بأنه أعلم من في الأرض
ليلقى الخضر
ويرهقه بالأسئلة
في محطات طريقهم الذي آل لفراق عظيمين
بعد أن حاز إجابات!
ربما أعجزته عن طرح المزيد من الأسئلة
لأسباب أبسطها فراقهما!


هي:
"الأكثر ذكاء هي التى تعرف أنها لاتعرف"*
ولازالت الأسئلة!


*عالم صوفي

الأربعاء، أغسطس 20، 2014

إجابات غير منمقة

أمس سألني محاور من ثلاثة في مقابلة عمل عن عيوب شخصيتي/ ولم يسألني عن المميزات، شردت برهة وقلت دون تردد:
متسرعة جدًا
شردت ثانية وقلت:
عنيفة جدًا
وحاولت تعديل الصفة لتكون: مش جسديًا بس معنويًا..
وفي شردتي الثالثة أجبت:
بسوف الأهم لآخر لحظة!
مش المفروض إني اقول كده ، بس دي الحقيقة!

أعود للمنزل وأسأل معارفي عن ذلك في محاولة لمطابقة صورتي في مرآتي مع صورتي في مراياهم، ولا يذكرون شيئًا مما ذكرت، بيد أنني أدرك أنه ربما أُنطِقتُ بما قد تقوله عني، فربما وحدك تدرك جوانبي المظلمة!

الاثنين، أغسطس 18، 2014

غزل

الفرح نادر 
آثاره لا تدوم طويلًا
كالحناء الباهتة في يدي اليسرى
لا أتبين الكلمة الشديد إيماني بها
"محبة"
بيد  أن الحزن والجرح أطول عمرًا
ربما الجرح اندمل،
لكنه الحزن مسيطر
وكالمارة حولي في طريقي القصير
يتفوهون بمعسول الكلام
لاأصدق أيهم
ولا ألقي إليهم بالًا!
هم سافرون
لكنك..!
وأنى لي أن أعرف؟!
لكنني أخاف ..
تكرار نزف جرح
 واكتواء قليب..

الجمعة، أغسطس 08، 2014

تفاصيل 2

منذ يومين كان يوم ميلاد والدتي، واحتفلنا به على طريقة الحكومة الجديدة ، أكثر من مرة وكل مرة أثناء انقطاع التيار المتكرر والممض، حتىحدث أن عاد ليلًا وقبل منتصف الليل بساعة تقريبًا، ولحظتها قررت أن أجلس في الصالون لأتم الفصل الذي لم يتسن لي إتمامه من الرواية التي أقرأها، أحضرت الرواية وهممت ان أجلس، وحال دون ذلك شعوري بأنني مراقبة، لأجده هناك واقفًا على سلك الشباك، ولم تكن تلك أول مرة أراه، فقد لمحته وكالعادة أنا أول من ألمحه، يوم زارنا أقرباء لنا، لحظتها نظرت لأمي، وفهمت من نظرتي أن أمرًا جللًا حدث، حتى جلت بنظري نحو الشباك، ولحظتها لمحه الجميع، وقالوا هو على السلك من الخارج، والحقيقة رؤيتهم جميعًا لبرص شئ معتاد، فهو يجول دومًا في شرفاتهم بالبلد، وهناك في منزلنا شعرت به في غرفتي منذ سنوات كنا في الاجازة الصيفية وكنا برمضان، ليلتها سمعت صوته، علكم تتعجبون، أللبرص صوت؟، نعم، يصدر صوتًا لا يلحظه سواي في اللحظة التي بخرج فيها لسانه لالتهام الناموس، وأعرف ذلك لأنني أراقبهم بحرص في زياراتي لخالتي، وليلتها لم يكن مكانه بحائط غرفتي مواجهًا لي، لذلك استدرت ودون العوينات وفي لحظة واحدة لمحته ودون أن أجيل رأسي في السقف ، وأحدثت جلبة أيقظتهم جميعًا، وتركت الغرفة لأنام بأخرى، رغم قتله بالفعل، ولم أقو ليلتها على السحور ولو بشربة ماء، كانت معدتي وأمعائي تتلوى صارخة من التقزز!

المهم أطلعت أمي على عودته لذات المكان وسألتها كيف التصرف؟، ببساطة اشارت علي برشه بالمبيد الحشري الموجود لدينا، وهممت أن أفعل، لكن غلبني تقززي، فناولتها العبوةوابتعدت، ورشته، لنفاجأ بقفزه، ونلمحه يزحف على البوفيه!
صرخت وقفزت، وابتعدت أكثر وأنا أقول"ده جوه!!" ، واختفى بعدها، ووقنا أنا وأمي ذاهلتين، كيف دخل ومتى؟، وأخذت أمي تتحسس السلك ربما وجدت به ثغرة ما، لكنها لم تجد شيئًا،كنت أقف أمام المروحة تمامًا وقطرات من العرق البارد تنزلق على جسدي لأقشعر متخبلة أن هذا الكائن اللزج هو من ينزلق، ظللنا نبحث عنه بأعيننا ، ولعدة دقائق لم نجده، حتى لمحته يقفز على أعلى جزء من الستارة، التي هي أفضل مكان لاختبائه عن أعيينا لتشابه ألوانها وألوانه،  حركت أمي الستارة حركات سريعة وعنيفة حتى سقط  أرضًا تحت المنضدة الصغيرة التي تشغل جانب الصالون، وأزاحت ما عليها من مفرش وخلافه، وأزاحتها جانبًا، وأكملت رشه بالمبيد، إلى أن اختفى تمامًا تحت البوفيه، المستحيل على اثنتينا تحريكه!
وهكذا بلغنا منتصف الليل ونحن واقفتان في انتظار ظهوره بمكان ما! وحين يأسنا أحضرت أدوات التنظيف وحاولنا بها ايجاده دون جدوى، لنجلس على الأريكة التي أزحناها أيضًا  حتى لا يختبأ بها ويتعثر علينا رؤياه من قماشها المزركش،  أنا أتم الصفحات الباقية في قلق، وأمي تنهمك بأمر ما على جهازها، حتى مللنا وجاء أبي بعد أن استدعيناه، وكالعادة وبخني على خوفي من كائن تافه كالبرص، ويقطع كلامنا انقطاع التيار وفقدان الأمل في ايجاده، لأستسلم ليلتها لنوم متقطع وأحلام  سيئة، واستيقظت أكثر من مرة وأنا أتحسس السرير لأتأكد من أن لا شئ عليه، حتى جاء الصباح وشعرت بصداع يؤرقني،لدرجة استحال معها أن أصوم اليوم كما انتويت حتى بو لم أتسحر ،وقررت أن الحل هو فنجان قهوة يطرح الصداع والقلق بعيدًا عن ذهني، ونسيت الأمر تمامًا طوال اليوم، اللهم إلا كاما جلست على المائدة حيث حاسوبي وبجوارها ستارة أخرى كالأولى ، يمكنه الاختباء فيها، كنت أجلس وأفتشها جيدًا قبل الاندماج في أي أمر، وانتهي اليوم الثاني أيضًا دون ظهوره، ودون شعور مني بأنه موجود، واليوم الجمعة نمت قليلًا وقت الظهيرة، وحين استيقظت ، بشرتني أمي أنه أثناء نومي، أزاحت كل الأثاث ونظفت، لتجد شيئًا أسفل الكرسي المجاور للكرسي الذي أجلس عليه ، ولم تتعرف عليه سوى بعد استفتاء نظاراتها الثلاثة، كنت جثته ترقد تمامًا جواري، منذ متى لا نعرف تحديدًا، وأزالتها، وأدركت لم كنت أشعر بارتياح هذا الصباح، وبعد مضي بعض من الوقت سألتها: تظنين كيف مات؟
اندهشت وقالت: لازلت تفكرين في الأمر من حينها؟، غمغمت :نعم! أحب ان أعرف كيف حدث الأمر..
قالت: لقد رششت عليه كمية هائلة من المبيد..
أسترجع ذكرياتي مع الكائن المقزز في شقتنا القديمة، حيث كان يحلو له الظهور لي وحدي على زجاج الحمام من الخارج كل ليلة امتحان لي وكنت طفلة صغيرة في المرحلة الابتدائية لاتعرف قلق ليلة الامتحان إلا به، لأظل مستيقظة أغلب الليل!
ويوم جبل موسى لم يكن الارتفاع وحده ما كنت أخافه، بل ما لمحت من حركة تحت قدمي هو ماجعلني أؤثر الانتظار حيث أنا ، كي لا أرتكب حماقة بدافع الفزع تودي بالأرواح، واليوم التالي لشم النسيم العام الماضي حين فاجأني اسفل الصينية التي رافقتنا في حقل زوج خالتي، لأفزع وأفزع أخي معي
ربما خوفي وفزعي منه عقدة من الطفولة، ربما..

الخميس، أغسطس 07، 2014

في حياة أخرى (فزع)


في حياة أخرى
شهدت النار التي أوقدوها للخليل
النار الموقدة لا تُفزع
قوي هو إيماني كما إيمانه
لكن!
نفخ الوزغ في النيران أفزعني
"أيا أبشع مخلوق أغرب عن هنا!"




ربما فقدت وعيي إثرها
ولم أعد للحياة إلا في هذا الزمن العجيب
وكلما رأيت واحدًا
فزعت
هلعت
صرخت
"أيا أبشع مخلوق أغرب عن هنا!"

الاثنين، أغسطس 04، 2014

ثورة

ثورتي بركان
لايميز أين وكيف ومتى يثور!
لا تخمدها سوى كلمات الاعتذار
أما الأعذار
فتأكلها النيران
ولا تذر منها رماد!

ثورتي مهلكة!

السبت، أغسطس 02، 2014

أسباب شاحذة للقراءة والكتابة 2

-1-
يشير عليّ درويش في كتابه "يوميات الحزن العادي" ضمن ما أشار من موسيقى تشايكوفسكي، بقراءة رواية الحرية او الموت لكزانتزاكس، تلك الرواية التي اقتنيتها منذ شهرين تقريبا اثناء امتحاناتي من مكتبة الهيئة بالجامعة، حيث أحب أن اذهب كلما توفر لدي وقت في انتظار زميلاتي، ووضعتها على الرف بين كتبه الأخرى التي تنتظر حنوي عليها، وبغشارة درويش تلك حدت عن خطتي التي رسمتها للقراءة ، ولكن لابأس، لو كان ذلك يعيدني ثانية لأصدقائي الكتب الذين لم يتسن لي كثير من الوقت مؤخرًا في صحبتهم.

ومن سخرية الأمر أنني أقرأ فقرات كاملة لكزانتزاكس كالتالية:

"يقول لنفسه وكأنه يهذي:"إنني أتهم الله.. أتهمه بأنه لم يمنح أبناء كريت أجسادًا من فولاذ تمكنهم من الصمود مائة عام أو مائتين أو حتى ثلاثة حتى تحرر كريت..وبعدها ليكن ما يكون..حتى ولو تحولنا إلى تراب أو رماد"

أو كالتالية أيضًا:

وغمغم الكابتن "ميخايليس" وهو يلكز مهرته:" أيتها المنبوذة كريت! كم من الأجيال انقضت وأنت تبكين أيتها الأرض سيئة الحظ..ومن ذا الذي استمع إلى بكائك؟ حتى الرب محتاج إلى تهديد لكي يصنع معجزته ..إن الأقوياء فوق هذه الأرض يحتاجون إلى تهديد جيد..اقبض بيدك بندقيتك أيها الأحمق، فهي وحدها التي ستصبح الموسكوفيين المنقذين! ..ولا شئ غيرها!.....
والله أيضا -وهو أعلى من كل بشر- لابد أن يرى نفس المشهد إذا لم يكن سبحانه قد نسى كريت أجيالًا وراء أجيال وأسلمها روحا وجسدًا إلى أيدي الأتراك!
لا.. بل أسلم الجسد فحسب، فقد قاوم الكريتيون، وغلوا دائما بالغضب..ورفضوا أن يضعوا خاتمهم تحت خاتم الله! فلم يكن ذلك من العدل في شئ! ورفعوا أيديهم إلى السماء وصاحوا" ظلم!"  ووطنوا أنفسهم كمسييحيين طيبين على أن يرفعوا ذلك الظلم الإلهي الذي لايحتمل، والله ذاته محارب أيضًا..أيكون مشغولًا عنهم لأنه يدير حربًا في مكان ما، فوق كوكب ما، ضد أتراك آخرين؟!..لسوف نظل نناديه سبحانه حتى يسمعنا"

ماذا لو عدلنا النص فبدلًا من كل كلمة تشير غلى كريت نضع فلسطين، حينها ربما أشعر أن قائل هذه العبارات هو درويش عن محبوبته فلسطين، لا يبدو ذلك بعيدًا خاصة وهو القائل في مديح الظل العالي القصيدة المستوحاة بشكل ما خفي علي من بورخيس:
سقط القناعُ
عَرَبٌ أَطاعوا رُومَهم
عَرَبٌ وبارعوا رُوْحَهُم
عَرَبٌ.. وضاعوا
سَقَطَ القناعُ
والله غَمَّسَ باسمك البحريِّ أَسبوعَ الولادةِ واستراحَ الى الأَبَدْ
كُنْ أنتَ. كُنْ حتى تكونْ !
لا ... لا أَحَدْ
يا خالقي في هذه الساعاتِ من عَدَمٍ تَجَلَّ!
لعلَّ لي حُلُماً لأَعْبدَهُ
لَعَلَّ!



يأسرني كازنتزاكس بوصفه الجسدي الدقيق للأشخاص وتحليله النفسي السريع لهم من خلاله،أتساءل كيف يمكن ان يصفني كازنتزاكس؟
ربما يشق عليه الأمر، وربما يشق عليّ أنا تخيل ذلك، لأن جسدي لا يثبت على حال من السمنة والنحافة مؤخرًا، كلا الحالتين تثير اكتئابي ، فأسعى إلى الحالة التي تناقض حالتي، ووجهي لا يبين ما يعتمل بذاتي القلقة، أنا نفسي يصعب علي كثيرًا فهم كيف تحجب ابتساماتي في الصور أفكاري وذاتي ، وضيقي وثوراتي وكل شئ!
تمحو الابتسامة كل شئ، وحتى دونها لا ستطيع أحد أن يقرأ قسماتي التي تبخل بالتعبير عن حالتي، فهي محايدة جامدة في أغلب الأحوال!
فلنقل أنني لست مع كازنتزاكس على طول الخط هنالك ما يكتبه ويناقض افكاري، ولكن هل أصل في نهاية هذه الرواية إلى النتيجة التي وصل لها درويش؟
فلا أحرر نفسي؟ ولا أموت؟

-2-
ترشح لي أماني فيلمًا، ربما يحفزني على العمل على روايتي التي لم أنجز فيها سوى عنوانها والثيمات العريضة والقضايا التي اريد طرحها، محذرة أنني لن أحب أن أكون كالكالتب في الفيلم، وفعلًا لا أحب أن أكونه بأي حال من الأحوال!

هو الكاتب الذي يجد عرضًا نصًا لرواية فاتنة مجهولة المؤلف وغير منشورة، يتقرها على حاسوبه حيث تعثر عليها زوجته عرضًا أيضًا وتثني على إبداعه فيها، وأنها أفضل ما كتب وأنها واجبة النشر، لكن نظرة عينيها أسرته ورضخ لها، هو الذي لاقت روايته الرفض من الناشرين اصبح مشهورًا بفعل رواية لم يكتبها، يقابله عجوز يطلب منه سماع قصته وكتابتها ولا  يرضخ له إلا حين يعرف أنه مؤلف الرواية المسروقة، وفي نهاية قصته قال له :
عبارته تلك حقيقية جدًا، وهي أيضًا سبب مباشر لأغلب الآلام التي تعرض لها هذا العجوز، والتي تعرض لها الشاب فيما بعد في سيرته كإنسان في المقام الأول، لأن الخطأ الذي ارتكبه جعله يخسر كل ما أحب بالفعل في مقابل نجاحه وشهرته!
المهم يؤنب الشاب ضميره حين يكتشف أن للرواية صاحبًا، ويعترف لزوجته بالحقيقة، وكذا لناشره، ولا يدعمان قراره بمحو اسمه عن الرواية بإدعاء أن هذا كله لن يجلب سوى المتاعب!
لكن كانت هذه ربما بداية فقده لحب حياته..
هل قلت أن الراوي هنا هو كاتب يقرأ نصُا من رواية تحمل عنوان الفيلم The Words?
الراوية يقرأ النص عن الشاب والعجوز في حفل توقيع وقراءة لروايته وتشك حينها أنه هو الكاتب الشاب بعد أن ولت أيام شبابه، ولايشعر بأي ذنب عما حدث في الماضي بل ويتبنى نظرية العجوز لذلك كتب تلك الرواية كاعتراف منه بحقيقة ما حدث، أو كتكفير عنه، نيته ليست واضحة تمامًا، أنا هنا أخمن، ويؤكد على الفكرة التي طرحها العجوز للشاب والتي تتلخص في أن كل انسان يقوم باختياراته ويتحمل نتائجها، فهو ابتعد بكامل ارادته عن المرأة التي أحبها بعد أن جرحها! ، ورغم اننا نلمح نظرة اللامصدق لهذه الفكرة في عيون الشاب، إلا أنه يكرر طرحها حينما يكبر!


وهي فكرة ضايقتني، الكلمات حقيقية جدًا، إنما الاختيارات!
أي اختيارات تلك التي يباركونها/ اختيارات أن تجرح الآخرين وتوجعهم في الفقد؟
والأسوأ هو اعتراف العجوز في اللقاء الثاني الذي حرص عليه الشاب، أنه آثر الخيال الذي كتبه في روايته، على المرأة الحقيقية الوحيدة التي أحبها والتي تسببت في ضياع روايته!

ويعدها يقول أنه رآها نرة بعدها بسنوات وكانت سعيدة مع زوج آخر وطفل آخر وقد آلمه ذلك!
ونجد أن الراوي يحدث الفتاة الشابة التي التقاها في الحفل بعكس هذا المنطق بعد أن اختبر في شبابه منطق العجوز، يسألها: هل تفضلين الخيال على الواقع؟
الفتاة ترددت لأنها تفضل الخيال والمثالية على الواقع، وأنه قد اختار وتحمل نتيجة اختياراته!
ليست المشكلة في النهاية، بل المنطق المخالف للمنطقي الذي ربما يتصرف بموجبه بعض الأشخاص، لا أجد 
لدي قدرة على أي شئ بعد فيلم مماثل سوى البكاء!


-3-
تفاجئني أنغام بأغنية أكتشفها لأول مرة عرضا على ساوندكلاود، الكلمات التي ربما وددت قولها منذ عام ونصف، بينما لم أستطع قول اي شئ، الايماء هو ما أجيد فعله ، ناهيك عن التذمر وغيره من الانفعالات العجيبة، كل الانفعالات التي لم يبق منها أي شئ وراء وجه جامد، وقلب لا كنه له: تقول:
 
يا حبيبى... يا حبيبى ...يا حبـــــــــــــيبى قد عمرى قولتها لك وانت جنبى ببقى لسة مشتقالك
ما انت عارف ..انت سامع انة الليل والشوارع
كل حبة رمل بتقولك حرام ..حرام ..اتحرم حضن الخطاوى وفين انا
والطريق مايل بحمله من العتاب..والنسيم حس بفراقك سحره بان
كل حاجة رافضة بعدك مش هتفضل هى بعدك
صعب اصدق
لو ضرورى تفوتنى خد مني الحنين واختصر بعد السنة خليه يومين
لو ضرورى قبل ما تسافر بعمرى اسجن الشوق والمنى واطلق الصبر فى وريدى قبل ما يطول بعدنا
لو ضرورى حتـــــــــــــــى لوطـــــــــــــــــــــال بعدنا
حتى لو طـــــــــــــــال بعدنا
انت هنا

وربما يرجعني هذا إلى مربع الخيال ولكن من ينكر: ولكم في الخيال حياة يا أولي الأباب!

-4-
الفيلم والأغنية تجعلني أفكر في أشياء كثيرة تبدو غير مترابطة:
كالفتاة سيليا التي هجرها العجوز في نوبة حزنه على ابنته وروايته، الأكيد أنها شعرت بأضعاف أشعاف الألم الذي كان موجودًا من 
الأساس، لكن كيف استطاعت بناء حياة جديدة سعيدة كما بدا عليها؟
هل كان هذا اختيارها مقابل اختيار زوجها القاسي والمجحف لهما معًا!

أتذكر فجأة الحب في زمن الكوليرا، وأحاول تذكر سبب الخلاف بين المحبين في شبابهم ولا أذكر شيئًا، يدي لا تمتد للرواية رغم أن هذا السؤال ليس جديدًا، طرحته مرة منذ سنة ، وأشفقت على نفسي معرفة الاجابة!

لازال الخيال والواقع يتصارعان، لا يفوز أخدهما على الآخر، فقط الأسئلة والمزيد منها، بينما يمر الزمن.