عزيزي نادر:
من كام يوم أخويا كلمني وقالي "تخيلي من سبعة وعشرين سنة ماما وبابا كانوا بيتمشوا في مصرالجديدة وهو أكيد كان بيحفزها تمشي أكتر عشان تولد أسرع خاصة يعني وهي عدت الميعاد ،وفجأة تعبت وقالت له خدني المستشفى، متخيلة؟"
ضحكت وقلت له متخيلة، بس ماقلتلوش حاجة واحدة، اني مش متخيلة اني عايشة لحد دلوقتي، عمري ما تخيلت أتم سبعة وعشرين سنة، هو الحقيقة السنة دي مش حاسة اني عجزت، مش حاسة بأي حاجة لها علاقة بالزمن، الزمن بالنسبة لي مش بعد رابع، الزمن مش بعد أصلًا، النهاردة مثلًا أول مرة نمت فيها في سريري من اسبوعين صحيت بردانة، ناديت على ماما جابت لي لحاف وغطيتني باستني وطبطبت عليّ ولا كأني طفلة عندها سبع سنين، أنا عارفة اني مهما كبرت واعتمدت على نفسي وسافرت ورحت وجيت هفضل البنت الصغيرة اللي بتدور على الأمان في حضن مامتها.
عارف الحياة غريبة وملغزة، أيوه صحيح ما انت عارف، ما انت عايش على نفس الكوكب العجيب، وبتحصل لك برضه حاجات عجيبة، كان مطلوب مني أكتب عن نفسي مقال عشان أقدمه في جامعة للدراسة، مكنتش عارفة أكتب حاجة، أنا عارفة كويس انا مين وعايزة ايه وكل الكلام اللطيف ده، بس فعليا مكنتش عارفة أكتب حاجة، لحد ما حد طلب مني رأيي في قصة كاتبها، القصة من خمس أجزاء، قال لي اقري كل جزء لوحده لغرض ما، قلت له هذاكر وفي الاستراحات هقرا، من أول جزء أدركت ان ربنا باعتلي رسالة في القصة دي، حسيت اني أنا البطل بطريقة ما، لما وصلت للجزء التالت مقدرتش أستنى ساعتين كمان، خلصتها في ساعتها وأدركت اد ايه ربنا كريم انه بعت لي الرسالة دي في لحظتها، جملة في القصة علقت في دماغي "بعض القدر من صنع البشر" ، يومها كنت ممتنة جدًا لربنا، انه بعت لي الرسالة دي، جايز لاني حاليًا في منحنى مهم في حياتي، منحنى هبعد بيه عن كل الحاجات اللي بحبها والناس اللي بحبهم، السنة دي انا في وسطهم لكن السنة الجاية ياعالم..ورغم اني عارفة ده وهم كمان عارفين، الا اني مستمتعة بوجودي وسطهم، مش خايفة من المستقبل، ومش خايفة اني أكون لوحدي زي النهاردة، جايز لما كان عندي خمسة وعشرين سنة كان أتضايق، وقتها كنت محتاجة كل اللي بحبهم حوالي، كنت محتجاك، كنت محتاجة كل حد بحبه حوالي، عشان كده كنت فاهمة قد ايه زميلتي اللي كان عيد ميلادها من كام يوم كانت متضايقة، قلت لها انها في مرحلة فارقة، الحياة قبل الخمسة وعشرين غير بعدها..النهاردة مثلا لما صحيت من البرد ما اديتش الموضوع أكبر من حجمه، قبل كده كنت ممكن أفضل منكمشة على نفسي في السرير لا أنا قادرة أقوم ولا أناعارفة أنام، النهاردة الدنيا اتغيرت، والسنة الجاية هتتغير أكتر ، لكن الأكيد ان روحي هتفضل طفلة مش عايزة تكبر.
ومن الحاجات العجيبة كمان ان اخويا من سنة كان هيسافر، ولاننا مرتبطين ببعض قوي قكرت في عيد ميلاده أهديه كتاب لذكرياتنا، في صفحة ذكرى أكتبها ، واللي قصادها سايبها فاضية يكتب فيها هو ذكرى افتكرها، يوم عيد ميلاده اديته الكتاب مش كامل، لان اللي افتكرته مكانش كتير، وبعدين قلت له هخليه معايا أكمله على قد ما أقدر وأديهولك، هو ماسافرش، بس أنا احتمال كبير أسافر وأسيب له الكتاب يكمله، ده بالنسبة لي عجيب..
انت كمان كل اللي يخصك عجيب، مش عارفة أشرح لك ازاي بس انت أكيد فاهم..
كان عندي حاجات كتير عايزة أقولها وأحكيها، زي مثلًا قرارات البشر العجيبة والفجائية، في الأسابيع اللي فاتت بنتين كنت لسه متعرفة عليهم أخدوا قرارات جريئة بالانسحاب من فرصة عمرهم ، كل واحدة كان عندها سبب وجيه الحقيقة، والدافع في الحالتين الحب، الأولى حب الأم، والتانية حب البنت، الاتنين كانوا متوترين وعيطوا في حضني معرفتش غير اني أطبطب عليهم وأهديهم، وفوجئت بعدها بقراراتهم، ووقتها معرفتش أفسر الموضوع غير بفكرة الانتخاب الطبيعي بس بشكل مختلف، كنت متضايقة، جايز انت كمان اضطريت تاخد قرار مماثل وتبعد، أنا مقدرة، والحقيقة مقدرة أكتر مما تتخيل، في العيد قابلت واحدة كانت صاحبتي قوي من سنين وبعدنا ومعرفناش بعدنا ليه، وساعات كتير كنت بسأل نفسي احنا كنا ازاي أصحاب، لما قابلتها ماعرفناش احنا بعدنا ليه، بس عرفت الأهم احنا ليه كنا صحاب، وليه هنرجع صحاب تاني، يومها كنت مبسوطة، بس عارف عمري ما سألت نفسي الأسئلة دي عنك، بس اللي أنا مؤمنة بيه إن الحياة لسه فيها كتير..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق