الثلاثاء، مارس 19، 2013

رحمة

-1-
جاءنى صوتها من خلف الواقفين أمامى فى عربة مترو السيدات، كانت تقول مخاطبة الجالسين:"وسعوا مكان لواحدة شايلة طفل" وعند باب العربة قالت السيدة التى تحمل الطفل: "أنا نازلة شكرًا"
وحينها وجدت مكانًا لأجلس فجلست وحينها لمحت سيدة عمرها ضعف عمرى تقف أمامى ولا يخفى على أحد الصليب الخشبى المعلق  فى رقبتها،فدعوتها للجلوس مكانى وما هى إلا لحظات حتى أومأت لفتاة محجبة تحمل طفلًا لتجلس مكانها،ثم أشارت على جالسة أخرى لتفسح مكانها لأخرى محجبة أيضًا وتحمل طفلًا ،حينها  وددت لو احتضنتها وقبلّتها، لكنها بلغت وجهتها ،بينما أغمغم داخلى "الرحمة ملهاش دين ولاسن"

-2-
 لم أجد حجزًا فى قطار العودة،ولابأس قررت أن أقف لأننى أصبر على الوقوف لساعة ونصف ولاأصبر على طريق طوله ثلاث ساعات من الجلوس فى الزحام،وبينما أقف فى أحد أركان عربة القطار أشارت علىّ الجالسة أمامى أن أجلس على أى كرسى فارغ حتى ياتى صاحبه ،وقد كان،وحينما جاء قمت ببساطة لصاحب الكرسى،لكن الفتى السلفى كما تشى لحيته الغير مُهذبة أصرّ أن أجلس بينما اعتذرت بأننى سأطلب الجلوس عندما توجعنى قدمىّ،وعند منتصف الطريق تقريبًا ،ترك كرسيه واقفًا وقال فى لهجة محتّدة "أنا وقفت خلاص ومش هقعد"،رفضت الجلوس وإصراره الشديد جعلنى أجلس خوفًا أن يحتد أكثر ، وما إن جلست إذا بسيدة بسيطة تقف حيث كنت أقف تمامًا وهى أكبر منى فى السن كما يبدو، لذا قررت أن أقف لها ف المحطة التاليةوهى قبل الأخيرة لنا جميعًا،وفى تلك المحطة ترك الرجل إلى جوارى كرسيه لوصوله منبهًا إياى بأن آخذ مكانه،وقد كان ،فانتبهت أن الفتى جلس مكانه السابقودون أن يعرض على السيدة أن تجلس، أنهيت ما تيسر من قراءتى ،وهذه المرة لم أبرح مكانى فقط لأرى كيف سيتصرف،لكنه لم يحرك ساكنًا فعجبت لأمره،وبينما أنا أقرر الوقوف لتحل السيدة محلى إذا بنا نصل.وأنا أتساءل:لماذا ترك لى كرسيه فى المقام الأول؟

السبت، مارس 02، 2013

قريب بعيد 3

بعد حوالى أربعة أشهر من الغياب عاد الفتى رجلًا،كنت لاحظت هذا فى مكالمة هاتفية له،لكنه هذه المرة من لاحظ كل التغيرات التى طرأت عليه،بداية من كون أغلب ملابسه لم تعد تناسبه،كلها فضفاضة بشكل يثير الضحك،إلى أن قصّ لى عن لقائه الأخير بأصدقائه:قال "كلالنكت التى كانت تصيبنى بهستريا الضحك تبدو الآن تافهة وساذجة،ظننت هذا احساسى وحدى إلى أن أكد لى الأمر زميل مر بنفس التجربة"
قبلها  فى  حفل تخرج دفعتهوجدت الأهالى باشّين مهللين ،والأمهات يزغدن فرحة وفخرًا بأبنائهم، كنت متعجبة، لأننى لم أر أمامى سوى نسخًا آلية تؤدى ذات الحركات ممتثلين لذات الأوامر ، لكن ربما الآن فهمت.