الاثنين، أغسطس 17، 2020

صفية

في فبراير، سألتني: مالها زعلانة ليه؟

قلت: مش عارفة، جايز عشان متجاهلاها اليومين دول

قالت: اسمها ايه؟

قلت: مش عارفة، هو أنا ازاي ماسمتهاش لحد دلوقتي

وبعد انتهاء الحصة، وفي طريق العودة للمنزل، ظللت أفكر لماذا لم أسم الكمان؟ هي لدي منذ يناير، وقبلها كان لدي أخرى أتعبتني كثيرا حتى أشير علي بتغييرها، في المترو ظللت أفكر، حتى وصلت محطتي وبينما أترجل الباقي من الطريق، أسميتها صفية، فهي تعرف كيف تجعلني صفية، أهجرها أشهر العزل وحين أعود، أقضي وقتا طويلا مع معلمي لضبطها، يقول لي: الكمان من الآلات التي يحلو صوتها كلما عزفت عليها

 أدرك أن صفية غير صافية، وأنها ستصفو حين أجالسها أكثر وهي في هذا لا تطلب أكثر من أن تراني في كل أحوالي، وهي أقرب من حضن، أخبر أميرة عنها: تقول أنها تقلق علي، لأنني أصبحت رومانسية مع جماد، أضحك، لأن قصة صفية لا تخبر شيئا عني.

الأربعاء، يوليو 29، 2020

صورة لا تحكي 3

بسمة ساحرة
شمسية
بحر
سماء
رمال شاطئ
هي عناصر صورة لا تحكي 
والقصة تستحق الحكي، العجب والإعجاب


ينتهي يوم العمل، وطالما انتهى فهو انتهى، الأولوية الآن للاستمتاع، البحر ينتظر، في الطريق القصير، يشير علي أبي بزيارة حمام السباحة، فالبحر من بعيد يبدو هائجا أكثر من أمس، أصر على العودة إلى البحر كالأيام السابقة، أترك أشيائي في حيازة والدي وأنطلق، أعافر مع الأمواج حتى يصل الماء إلى خصري، أحاول الولوج حتى يصل الماء إلى كتفي، لكن موجة وراء موجة تزيحني للشاطئ، أقول له: اهدأ، أنا الوحيدة هنا التي فضلتك، سأتحرى الأمان وأبتعد عن الأمواج، أقرب ما سأكون للزبد، فهو يذهب جفاء، فلا يؤذي، لكن قمة موجة تطالني، أقفز عليها لأتفادى الأذى، لكنها تغمرني وتطرحني في طريقها، وتلحقها أخرى، فأرتطم بالقاع مرتين، تمر الموجة، والماء المالح قد ملأ فمي، أقف، لأشعر أن شعري حر، الموجة سرقت غطاء رأسي، أجول بعيني وسط الأمواج، علني ألمحه بينما ألتقط أنفاسي، لا أثر، ولا أريد أن أغامر أكثر، أريد أن أستريح، ألمح عائلة على الشاطئ، وشخص جالس، لابأس، سأخرج الآن وسأجد حلا لشعري، أتجه حيث يجلس والداي، أضحك كما أفعل دوما، أغطي شعري بالفوطة، أجلس، تخبرني أمي أنني بدوت كأنني أعارك الموج، وأن المشهد كان خياليا، إلى أن أتت ثلاث موجات ساحقة، ظهرت بعدها دون الحجاب، أعارتني "الباندان" تحت حجابها وأكتشف أنني فقدت قرطا أيضا، وجلسنا نستمتع بالغروب بينما صديقة ترسل لي ما مضمونه، ضعي صورة لك بالأبيض والأسود، لأننا على طبيعتنا أحلى، أرتدي الابتسامة المعهودة، ألتقط الصورة التي  لا تحكي، لن تكون الصورة الأخيرة، كما أن صراع الأمواج لن يكون الأخير بعد. 

السبت، مارس 21، 2020

ثريا ودلال

"يمكنني أن أمكث في المنزل فترة طويلة جدا وحدي تماما طالما كان لدي كل ما أحتاج إليه"
كان هذا ردي على صديقتي التي سألتني عن حالي، وكان تفسيرها للحاجة للخروج هي أن ترى الأشجار وتشعر بالطبيعة، حينها أدركت أنني ممتنة جدا لنواة الحديقة التي بدأتها منذ عام تقريبا، وكان لابد لي أن أشارك هذه القصة التي تعتمل في صدري منذ بداية هذا العام.
منذ عام، كنت أشعر بضيق شديد ولاجدوى لعملي، وهو شيء لو تعلمون عظيم، وددت حينها أن يكون لي أي شيء أتطلع إليه، السفر كانت فكرة تروادني منذ أغسطس ولكن حال دونها ظروف كثيرة، ولأنني أحب الأفوكادو، وأشتريه باستمرار، ففكرت: لم لا أزرع بذرة؟ وبالطبع أجابني جوجل بأن الأمر بسيط ولا يتطلب مجهودا كبيرا، فبت أتبع الخطوات البسيطة مع كل بذرة جديدة، وأنتظر، هل قلت أن وضعت هذه البذور على منضدة بغرفتي بالقاهرة، وكان وجودها هناك محل تساؤل من صديقاتي، هل الأمر مجد؟ متى ستثمر أي بذرة من هذه البذور؟ كانت ردودي أن الموضوع سيستغرق وقتا، ولن تثمر أي بذرة إلا بعد خمس سنوات على أقل تقدير، وفي أواخر إبريل كان سفري القصير إلى كينيا، حيث عدت بقبضة من تربتهم كما طلبت صديقة لي، قلت لنفسي حينها ربما سأزرع فيها شجرة أفوكادو تنبت من البذور التي تركتها، حين عدت من السفر في مايو، كانت البذور كما هي، وكيف يطرأ أي تغيير ولا ماء في الأواني الصغيرة، فواظبت لشهر أو اثنين على متابعتها، حتى لمحت يوما ما يشبه جذر صغير ينبت، وكنت حقيقة في أشد الحاجة لأي أمل، بدأت حينها أهتم أكثر بالبذور خاصة والحرارة تشتد والماء ينضب أسرع، بدأت أتابع تطور الجذور لحتى كانت فرحتي غامرة حين لمحت بوادر وريقة خضراء. حدث هذا مع بذرتين من أصل سبعة أو ثمانية.
يحل أكتوبر، ولدي نبتة صغيرة وأخرى تحتذي خطوها، وأنتقل إلى سكن جديد، وقلقي الوحيد ألا تتأقلم الصغيرتان على الظروف الجديدة من شمس أقل حدة لكنهما تصمدان، وحينها قررت أنه حان وقت أن أغرس هاتان النبتتان في التربة، فخلطت ما أحضرت من كينيا بتربة أخرى مصرية وغرستهما، فنمتا ليتعدى طول أحدهما المتر والأخرى أقل من المتر قليلا.
والحقيقة أن هاتان النبتتان كانتا السبب في إبهاجي في أيام مظلمة كثيرة، حيث لم أبذل جهد كبير، كل ما كان علي فعله هو أن أؤمن أن شيئا سيحدث وأن أوفر ظروف مواتية بسيطة، أنا أعتبر أن لدي الآن حديقة صغيرة في غرفتي، درتاها هما هاتان الشجيرتان، تسليهما ساق من البامبو، بينما ثلاثتهم قدوة لبذور أفوكادو أخرى، وجذور جزر وكرفسة وبصلة خضراء وأعواد من النعناع. نواة حديقة كما قلت، لكنها تسري وتسلي أيامي حتى قبل هذه العزلة الإجبارية. في ديسمبر وددت لو أكتب عن هذا لكن طاقتي كانت مستنفدة كلية. أنتبه الآن أنني لم أسم أي منهما كما لم أسم الكمان، لم أنتبه لذلك إلا حين سألتني معلمتي عن اسم الكمان، أطرقت حينها من المفاجأة، ولكن هذه قصة أخرى، فالآن أسميهما: ثريا ودلال.