هذا هو اسم الكتاب الذي بدأته أمس حين استيقظت بعد منتصف الليل بساعات بهاجس من الحلم العجيب الذ رأيته والذ ترهقني ،تفاصيله لألأرق ولا أستطيع النوم، أقرر أن القراءة هي الملاذ في حالة مماثلة، أختار الكتاب الذي أعرف أنه لن يسبب لي أي نوع من الأسئلة الوجودية، كل ما أردته هو الاستمتاع بالوقت الذي لن أستطيع النوم فيه إلى أن أطرد الحلم من وعيي، أقرأ حتى أصل لنصف الكتاب، وأثناء القراءة أشعر بالجوع تمامًا ككاتبة الكتاب وكمثلها أفكر في الباستا المسلوقة بالثلاجة وببعض الاضافات البسيطة يمككني أن أشبع، لكن فكرة الأكل في هذا الوقت لم تشجعني، خاصة وأن سببًا وجيهًا من استيقاظي حتى تلك الساعة ليس فقط الحلم الغريب، ولكن أيضًا شعوري بأن شيئًا ما شريرًا وربما كارثيًا يحدث في هذه الليلة العجيبة، لذلك حينما سمعت صوت صفارة عالية تشككت انه ربما يكون إنذار الحريق، لذلك هرعت دون كتابي إلى حيث الصوت، لأجد أن هذا صوت صرير الماء في المواسير، وهو صاخب جدًا إلى حيث تقع غرفتي بسبب الهدوء المطلق لليلة امتحان عدد كبير من زملائي، ورغم أن شكوكي لم تكن في محلها إلا أنني وجدت يارا الفتاة الجميلة الصغيرة النقية هناك، والتي تعجبت لرؤيتي متيقظة في ذلك الوقت خاصة وقد عرجت على غرفتي كالأمس لكنني لم أدعها للدخول لانشغالي بالنوم والحلم الثقيل الظل، أتحدث معها قليلًا قبل أن نتفق أنه ربما حان لنا أن نخلد للنوم، تتجه كل منا لغرفتها بينما أفكر في شئ واحد أنى لي أن أؤثر الحلم المزعج هذه الليلة على يارا!
حتى لو كنت في الحلم لا أفعل شيئًا سوى أن أشاهد السوء دون أن اشارك فيه، وأن أستيقظ وأنا أسأل نفسي لماذا كان حسن حسني هو من تخيلته مالكًا لعمارة ضخمة في الحلم والذي كلن على وشك أن يهدمها تمامًا لما تراءى له أنه خدع وأن هذا البيت ما هو إلا أساس الشر على الأرض، حتى ينساق هو شخصيًا وراء أهوائه الجنسية!
أكمل ما أستطيع من الكتاب لأصل إلى النص المعنون" البنت اللي مليانة ديفوهات"، أفكر فيّ، في ديفوهاتي القاتلة، أنني مثلًا لم أستطع أن اكتب كلمة عن سعادتي في شار المعز أول أمس، تلك التي حاكت إلى حد كبير سعادتي بالكتاب الجماعي الذي شاركت فيه، كنت سعيدة بسعادة الآخرين التي ساهمت فيها ولو بجزء بسيط كمراجة لغوية لا أدعي أنني أجيدها تمامًا، عن التمتع بالمشي في ذلك الشارع الضيق وتناول الكسكسي بالمن والسكر غير مكترثة وزميلتي بالمارة والأعين الفاحصة، مستمتعة بالمكان والأعمال اليدوية المبهرة المتوفرة على جانبي الطريق، لم أتمكن من كتابة كلمة واحدة عن الأمر بينما الآن يمكنني أن أكتب الكثير عن حلم وحيد وليلة أرق وكتاب شاركني الأرق، ولكن هذا ليس كل شئ!
هنالك النسيان!، استغرقني الأمر بعض الوقت لأدرك سبب سعادتي يومها، لأدرك الذكرى المماثلة تمامًا، لأدرك كيف أن الماضي هو سبب سعادتي لحظتها في الحاضر، نعم لازال هذا الأمر مؤرقًا بالفعل، أنا الآن مدركة أنني لا أنسى فقط الأشياء السيئة التي حدثت لي ولكن أيضًا كل المواقف المبهجة والمفرحة، ذاكرتي الشخصية تفلس يومًا بد يوم، لا أستطيع أن أواكب كل ما يحدث من تفاصيل بالتدوين لا هنا ولا في أي مكان آخر، لايمكنني مثلًا أن أسجل الأشياء التافهة التي تحدث وأراها تستحق الملاحظة، ولا حتى الأحداث الكبيرة التي تؤثر عليّ، لا شئ!
هنالك أيضًا تلك العلاقات غير المنطقية التي أوجدها بين الأشياء، عرفت مؤخرًا أن أغلب الناس يخطئون العلاقة بين الأشياء بكونها مسبباتها، أناعلى رأس قائمة هؤلاء البشر، بل وأفل ذلك بشكل أقرب إلى الخرافية منه إلى أي شئ آخر، هنالك دومًا رسالة ضمنية خفية بين الأحداث، كأن أكتشف مثلًا أن يوم المترجم هو نفس اليوم الذي تقدمت فيه لأحد دروس تعلم الترجمة، وأن يوم اللغة العربية هو اليوم التالي لاستمتاعي بثمار عملي القليل في المراجعة اللغوية، تلك الرسائل الضمنية التي تشير لي أنني على الدرب السليم، بينما أنا في الأساس أسير أكثر من طريق بشكل متوازٍ، والسير في الطرق المتعددة ليس مرهقًا قدر ما هو ممتع، فمن الطبيعي أن أشعر أنني على الطريق السليم، طالما دومًا هنالك خطة بديلة وهنالك فرصة تدعمه..
هل هذا هوكل شئ؟
لا..
هنالك الفكرة الأساسية التي تجلعلني على النقيض من أقراني الذين يذاكرون الآن استعدادًا لامتحان الغد، أكتب كل هذا الكلام لذاتي ربما في المستقبل، بل وتمية وقت أرقي أمس بالقراءة في حكايا فتاة مرهفة دون الالتفات مثلًا لقائمة الكلمات الأكاديمية التي يجب عليّ قرائتها للمرة الأولى قبل الغد، أنا دومًا أقضي وقتي بطرق اعجب مما يمكن وصفها، وربما تبدو للآخرين كمضيعة كلية لكل الفرص الحياتية!
والشئ الأكثر أهمية: عزلتي الآن أصبحت شبه رسمية، خاصة وأنا شبه قررت كيف ستكون حياتي في السنوات القليلة القادمة..
البنت اللي مليانة ديفوهات كان ممكن تستنى لحد مياد رسالتها السنوية وتكتب كل ده بس هي عندها ديفوه إضافي ما بتحبش تخلي جواها كراكيب كلام، لازم يخرج في وقته اللي هو حدده مش اللي هي تحدده..
وجايز دي كلها مش ديفوهات قد ما هي سمات شخصية بتحاول تعيش حياتها زي ما هي عايزة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق