عزيزى:
أكتب لك فى الدقائق الأولى من عامى الجديد،و أنا جالسة أتناول قطعا من الشيكولاتة بالبندق أحضرتها سلفا،هذه رسالتى الثانية اليك، أعرف اقصر فى الكتابة اليك ،و لا أفعل ذلك سوى فى مناسبات تستحق الكتابة،ليس لشئ سوى أننى لا أريد أن أرهقك بكل ما لدى ،لأن دوما لدىّ مادة للحكى.
هذا عامى الرابع والعشرين، مما يعنى أننى يلزمنى عام واحد و أتم ربع قرن من الحياة على وجه البسيطة ،و تعرف لم يعدّ يؤرقنى فى يوم مثل هذا مسألة محاسبة ذاتى كما كنت افعل سابقا ،لم اعد أفكر هل أضفت شيئا الى العالم،بل الآن دوما أتساءل "هل هناك ما يمكن أن أضيفه لهذا العالم؟"..و حتى هذه الاضافة لم اعد أفكر فيها بالشكل السابق، تغيير حياة انسان واحد قد تكون كفيلة بذلك،بدءا بى بالطبع و مرورا بكل من هم حولى سواء أعرفهم أم لا،طالما أستطيع فلا مانع، شئ آخر أتعرف أن للرقم 24 هذا دلالة خاصة لى؟،فكأنما هو السلمة الثانية من سلالم حياتى،الأولى كتب عليها اثنان ،و الثانية عليها أربعة،و أنا الآن على الدرج الثانى،و هو يوافق أيضا اليوم الثانى من ايام عيد الأضحى ،تعرف أننى لا أؤمن بالمصادفة، بل هو القدر وحده ،لذلك هذا قطعا عام مختلف،بدءا من يناير الذى كان بداية غير متوقعة للجميع ،بدءا من الثورة و التنحى الى هذا اليوم،ليس فقط لأن فى كل يوم جديد وهذا يخالف المقولة التى أرددها دوما "لا جديد تحت الشمس!،بل لأن أيضا هذا الجديد يؤثر على كل شئ،فمثلا ثانى يوم للتنحى و بينما كان الجميع فرحين مستبشرين، كنت مغمومة ولشئ لا علاقة له بالمرة بالثورة، يومها وأثناء مغادرتى المنزل وجدت النبتتان اللتان تحرسان الباب مقطوعتان،ولم يكن هناك أدنى شك أن هذا حدث بفعل فاعل،اغتممت، وكالعادة أسقطت ما حدث على ما سيحدث،كيف تكون لدينا ثورة و أخلاق الميدان ويحدث مثل هذا؟،اذن لن نتقدم خطوة واحدة للأمام،و بينما أنا فى العمل سيطر علىّ هذا الهاجس،حتى قررت أن أبتاع نبتة لكل شقة فى العمارة وذلك بداعى أن يتعلم أطفالهم الاهتمام بالنباتات،وقد كان!..وبمناسبة الاسقاطات،لم أعى أننى أفعل ذلك سوى مؤخرا جدا،فى الشهر الماضى،حيث عرفت نظاما مشابها لنظام مبارك،وحينها لم أملك سوى ترك النظام ومتابعته،وفى انتظار الثورة عليه.
عن الأخبار المفرحة ،فى الشهر القادم سيصدر كتاب"أبجدية اباع عفوى"الذى شاركت فيه بتدوينة ضمن حملة للتدوين اليومى، لم أفرح حينما صدرت النسخة الالكترونية بقدر فرحى بالورقية ليس لشئ سوى أننى كنت بحاجة للفرح ناهيك أصلا أن الخبر مفرح،مما يذكرنى أن العزيزة فريدة قالت لى مؤخرا "أن تدويناتى أصبحت حزينة مؤخرا"..فكرت فى كلماتها طويلا حتى أدركت أن معها كل الحق،و لاسبب حقيقى لذلك سوى تأثرى بكل ما يدور حولى،حيث لا سبب فعلى فى حياتى الشخصية يدعو لذلك،وعلّها ايضا كلمات درويش التى حتما تمس وترا ما فى القلب غير أنه يمكنك أن تقتبس من اشعاره فى كل موقف،تخيلتنى يوما أمام حضور مهول و أقول "من أنا لأقول لكم ما أقول لكم"،وحينما واسيت أحدهم فى وفاة والدتها وددت لو أقول لها "فان أسباب الوفاة كثيرة من بينها وجع الحياة"لكننى تراجعت فورا لأن انهيارها و سنها و الموقف لا يحتمل عبارة مماثلة!..
انتباتنى يوما ما خاطرة، هل لىّ من اسمى نصيب؟!..و تمنيت ان يصيب ذلك شيئا من الحقيقة ،لأن اسمى الأول هو اسم زهرة من أجمل ما يكون،و اسم العائلة بالعربية يعنى "السعة "و بالانجليزية "اعادة التأهيل"، ورغم أن هذا يبدو عجيبا الا أن أننى مولعة جدا بهذا الأمر ، لأنه عن البدايات الجديدة و تعديل و تطوير السلوك ،فليت لى من اسمى نصيب!
ماذا تبقى أيضا لأخبرك عنه..لازال هناك الكثير و الكثير،لأننى حاليا و منذ فترة على سلام طوعى مع الأشياء الصغيرة،لذلك عندما أرى فراشة بيضاء تحلق حولى فى شارع البحر ،أو أن أرى هدهدا محلقا من قريب أو بعيد،أو طفل يبتسم،أو غيرها أشعر بسعادة مفرطة ،و كأن كميات هائلة من السيروتونين سرت فى كل خلايا جسدى...
العمل كما هو لاجديد، سوى أننى لا أحبه ،وبدأ يزحف هذا على مستوى اللاوعى الى أحلامى ..حيث رأيت عدة أحلام لا تسر،و فى كل مرة أستيقظ و أن أقول "هى أضغاث أحلام"..شئ آخر أبحث الآن عن العمل الذى أحب أن أمارسه لأننى على وشك انتهاء دراستى فيه،لا شك أن به الكثير من الروتين و لكن على الأقل سيكون هناك مجالا للتفكير،لأننى بدات اشعر بالغباء و التبلد المصاحب للوظيفة الحكومية ،و انعكس هذا على كل شئ، و أولها خيالى ،يكفى أن أتخيل طفلة أندلسية بديعة الحسن سيارة لمجرد ان اسمها اسبرانزا!.
كل أعزائى على خير ما يرام ،رغم أننى لست بذات القرب منهم،و كالعادة اشكو من صعوبة ان تكون مياه علاقتنا جارية دوما رغم التقدم الهائل فى وسائل الاتصال و المواصلات،الا أن مشاغل الحياة و همومها تتزايد بشكل يخلق عائقا نفسيا مع الآخرين بشكل عام،لكننى على قدر الامكان أستغل كل الفرص المتاحة للحيلولة دون ذلك،على الأقل مؤخرا!
اعتدت كل عام أن أجعل لى شعارا ولذلك قررت أن يكون شعار المرحلة القادمة تلك الكلمات التى تغنت بها جارة القمر فى رائعتها
الحكى قد يطول و يطول لصفحات عديدة ،لأننى فى حالة تستدعى الذكريات،و لأننى أيضا ألمح الكثير من التفاصيل الصغيرة و التى تشغلنى دائما عن الصورة الكلية ..فقط اريد أن أنهى رسالتى لك بكل ما فىّ من طاقة حب .
هناك تعليقان (2):
كل سنة وانت طيبة ياداليا :)
و انتى طيب يا عمرو..فين بقى العيدية و الهدية ؟:d :p
إرسال تعليق