الثلاثاء، أكتوبر 13، 2009

::عن الألم::

الألم..
ذلك الشعور العميق الذى يعترينا..فلا تعرف هل بعض الضيق؟..هل هو الأسى؟..هل هو التمرد؟..هل هو الاكتئاب؟..أم أنه خليط من كل تلك المشاعر مجتمعة ..و هو يسبب ذلك النوع من الدمار الذاتى لصاحبه..فهو ينكمش و يتقوقع داخل شرنقة الألم التى قد تؤويه إلى حين نهايته أو انتهائه من معايشة الألم.

من أين يأتينا الألم؟
من أين يأتينا؟
آخى رؤانا من قدم!
ورعى قوافينا
إنا له عطشا و فم
يحيا و يسقينا
نازك الملائكة من قصيدة خمس أغنيات للألم



مجاراة الألم
إنها سيطرة الألم على الكيان البشرى فى كل موقف، بل فى كل لحظة يعيشها، إنها أن تثقل ذاكرتك كاهلك بكل ما تحويه من مسببات الألم من المواقف التى تعرضت لها سابقا، و المدهش أن ذاكرة الألم لا تنسى ، فهى كمغنطيس يجذب اليها كل ما احتواه الماضى من آلام، ومن النادر أن تجد من يفصل بين آلامه و يشفى من ألمه الحاضر بسرعة!

بين ألم الجسد و ألم النفس..
سؤال طرحته على نفسى..أيهما أشد، ألم النفس أم ألم الجسد؟ ووجدت الاجابة من واقع تجربتى معه..فان كان ألم الجسد يسبق ألم النفس ، فإن ذلك الذى يسكن الأعماق المجهولة أكثر إيذاءا و هدما لصاحبه، أما ان سبق ألم الجسد ألم النفس ، فقد يمحو ألم الجسد بعض من ألم النفس ،قد يبدو هذا مثيرا للدهشة و لكنه فعلي..انه نوع من الانتعاش الغريب..ألم الجسد يوجد سببا لخروج " الآه" خالصة، صادقة ،قوية، تليها ارتياحة و انتعاشة، أما إن توازى الألمين معا، فحينها يكون الألم مضاعفا ، و لا تعرف أيهما يعلو على الآخر ، و أيهما يجب اسكاته الى الأبد!


هل الألم هادم و ضار!
سأدع هذا البيت الشعرى ينعش أذهانكم

يقولُ الشوك : يا أختاهُ لم تتفهمي لُغْزِي فليستْ حِرفةُ الآلامِ شرَّاً فاشْكُرِي وخْزِي فالقبحِ الجميلِ حرستُ عجزَ الحسنِ ، لا عَجْزِي !! " أحمد بخيت

ما رأيكم الآن؟..هل هو كذلك؟ الحقيقة أن ذلك يتوقف و فقط على نوع المعالج للألم THE PROCESSOR.. و سرعة هذا المعالج..فهناك من يجيد التعامل مع الألم و يجعله معلما مبجلا يحترمه و يوقره، دون أن يحنى له هامته و بذلك يستفيد منه و يتجنبه مستقبلا، فكأنما هو استثمار يعود عليه بالربح مستقبلا!..و أحييى هذا النوع من البشر ، و أحاول قدر الامكان أن أكون منهم! أما النوع الآخر..فهو عبد ذليل للألم..يحنى له هامته..و لا يعرف طريقا إلى حريته..رغم أن الموضوع لا يتطلب سوى تغيير المعالج ، أى تغيير وجهة النظر للألم و كذلك للأمور جميعها..


كيف نتعامل مع الألم؟
فى حينها.. أمامنا أحد الحلين:-
  • كظم الغيظ..و هو أن تكبت جماح نفسك، بحيث لا يحتال الألم الصامت غضبا صريحا، فيظل حبيس صدر صاحبه.
  • اطلاق الألم..و هنا يحتال الألم غضبا صارخا موجها نحو أحد الأشخاص سواء كان معنيا بالألم و سببا له أم لا !
وفى كلا الحالتين ستشعر بالألم ..و ان اختلفت درجته و حدته ..ولنقل أننى تعرضت لموقفين مؤلمين مع ذات الشخص ، فمرة كظمت غيظى..و كان الألم فظيعا بحيث أحسست أنه تسرب إلى جسدى مسببا ألما مبرحا و كدت أشعر أننى على حافة سكتة دماغية، و فى المرة الأخرى أطلقت العنان لغضبى..و كان هذا من باب " تغيير منكر ، و نصرة أخ مظلوم"..و رغم أننى من المفروض أن أشعر بارتياح، الا أنه هاجمنى الألم، كان وخزا من ضميرى، كان صوته عاليا يقول لى " ها أنتى تتألمين أيضا، و إن خبت حدة الألم..الا أنه موجود"..فما الحل؟..أى الطريقين على أن أسلك مستقبلا؟.. إذن ، الحل فى الموازنة بين المضار و المنافع ..و الكفحة الراجحة عند المنافع تحدد الطريقة التى يجب بها أن أحتال! بعدها..
  • التأمل فى خلق الله و ملكوته و أحوال عباده..و حينها فقط سندرك أن ما نعانيه و نقاسيه مثقال ذرة مما ابتلى به كثير من عباده..فالحمد لله الذى عافانا منه..
  • أن تكتب كل ما سبب لك الألم ، و ليس هذا فحسب بل أن تصف احساسك نفسه..و كانت هذه هى الطريقة التى استخدموها فى علاج بعض المصابين بالأزمات النفسية اثر بعض الحوادث، كما شاهدت فى أحد البرامج التليفزيونية.
  • البحث عن العبرة و الدروس المستفادة مما عانينا، ففى ذلك تقليل من حجم الألم و تحويل له لطاقة ايجابية تضيف لصاحبها و تثريه!

ليست هناك تعليقات: