الأربعاء، يوليو 16، 2014

وعجبي..

أستقل سيارة اجرة وأقول له جهتي: "النحاس مع أبوبكر الصديق" ، يقود ويهدئ سرعته قليلًا عند أحد النواصي قائلًا:"هنا؟"
 " أقول" لا ، لسه قدام ده مش الشارع
-"تحت أمرك" ويكمل قيادته
إلى أن أقول له "هنا لو سمحت، والناصية الجاية دي هي أبو بكر الصديق"
يبتسم قائلًا "لا ده يوسف الصديق"
وأدرك أنه محق، وأن الخظأ مني في الأساس ، أنا خلطت بين اسم الشارعين، لاشتراكهما في "الصديق" وادرك اكثر أنه محق حينما دلل على قوله "بأن أبو بكر الصديق هو الشارع اللي على ناصيته سوبر ماركت المنشاوي"
والحقيقة أن ما حدث ليس على جهل مني بأسماء الشوارع على قدر ما هو إهمال لها، لأنني أؤثر المشي على استقلال سيارة أجرة أو حتى ركوب السيارة، ولكن المشي ليس يسيرًا دومًا، أذكر أنني لم أنتبه يومًا لأسماء الشوارع عمومًا سوى في الثانوية العامة لأنني حينها كانت بداية استقلالي سيارات الأجرة وحدي للوصول لدروسي الخصوصية المتتابعة، ، صحيح انه في أحيان كثيرة كان يوصلني أبي، لكن أيضًا كنت أذهب بمفردي كثيرًا، وحينها بدأت أعرف أسماء الشوارع والاتجاها، ورغم أنني اكتشفت اليوم أن مر عليّ عشر سنوات أو يزيد على ذلك، إلا أنني لا زلت أخطأ في الشوارع وأسمائها، لكنني لست وحدي من يفعل ذلك!

في العام الماضي كنت أسافر للقاهرة بشكل أسبوعي، وكانت جهتي أغلب الأيام في شارع"ممدوح سالم"، وأصبح من طقوسي قبل ارتياد مكان جديد لأول مرة أن أعود وأسأل جوجل وخرائطه، لأعرف تحديدًا أين المكان، وما أقرب محطة مترو له، بحيث أصل لها ومن هناك أستقل سيارة أجرة ، توفيرًا للوقت والمجهود، والحقيقة أنني كنت ذهبت لهذا المكان قبل افتتاح مترو العباسية وهو أقرب محطة مترو له حينها، ولكن لم أكن في حاجة لاستقلال المواصلات العامة، لأن ذات الشارع فيه مدخل أرض المعارض، الذي أعتاده بشكل سنوي منذ سنوات وسنوات، ربما كانت أول سنة هي تلك التي أطلق فيها منير ألبومه"عشق البنات" لأنني أذكر جيدًا أن هذه الأغنية كانت ما يعمل في الميكرفون يومها، المهم ومن حينها وهذا الشارع مرتبط عندي بالزحام، لكن الحقيقة التي اكتشفتها خلال عامي الماضي أن هذا الشارع هادئ جدًا أغلب أيام السنة إلا في حالتين:معرض الكتاب، وأي عزاء بمسجد آل رشدان الشهير على ناصيته من الناحية الأخرى، المهم في عامي الماضي كان أمامي حلين إما أن أسير المسافة التي تستغرق ربع ساعة على الأقل من مترو العباسية، أو أن أستقل سيارة أجرة، ويحكمني في هذا القرار دومًا الوقت وحالتي المزاجية، ربما يكون لدي الكثير من الوقت، لكنني ببساطة لا أنوي السير وسط الزحام والضجيج، في أحيان كثيرة كان جاهين يتمتم لي :"
زحمة وأبواق سيارات

اللي يطول له رصيف.. يبقي نجـــا
لو كنت جنبي يا حبيبي أنــــــــــــا
مش كنت أشوف إن الحياة مبهجة
عجبي!"
وحينما يكون قراري ان أستقل سيارة أجرة، وأخبره اسم الشارع ، في الأغلب لايعرفه، فأصف أننا سنسلك امتداد رمسيس، الذي عرفت اسمه بعد أن وصفت للسائق الطريق ، أو أخبره أن نذهب ل "آل رشدان" الذي بلغ أوج شهرته أيام مبارك في أغلب الأوقات وحينها لم يكن أحدًا يتابع الأخبار، وأحيانًأ كثيرة كان يصحح لي السائق جهتي ليقول "تقصدين صلاح سالم" وأصحح له لا بل "ممدوح سالم" ، ويومها عمدت إلى جوجل لأسأله  بعد أن أرقني السؤال "لماذا يعرفون صلاح ويجهلون ممدوح"، كنت أعرف بالفعل أنه كان رئيسًا لوزراء مصر يومًا ما، لكن جوجل لحظتها لم يضف لي الكثير من المعلومات، وكذلك عن صلاح سالم الذي كان كل ما أعرفه عنه هو أنه أحد أعضاء مجلس قيلدة الثورة ، وويكبيديا زودتني بمعلومة لطيفة: 
"
وهنا تجدر الإشارة إلى أن عبد اللطيف البغدادي وحينما كان يقوم بالانتهاء من أحد أعماله الانشائية العظيمة واشهرها طريق الكورنيش والطريق الجديد الذي استقطع جزءا من المقطم وامتد في أرض صحراوية أصبحت بعد ذلك مدينة نصر‏ ؛ قد تصادف مع موعد وفاة صلاح سالم، فاطلق اسمه على هذا الطريق الطويل شارع صلاح سالم الذي أصبح من أشهر شوارع مصر‏."

وهكذا نجد الشارع يحمل اسمه بسبب وفاء صديقه، وهو شارع طويل يعاني دومًا من اختناقات مرورية، بينما شارع ممدوح سالم شارع قصير عريض وهادئ أغلب أيام السنة، والخاطر الذي تلبسني أمس كان خاطرًأ غريبًا، يمكن تلخيصها في عبارة" يوم لك ويوم عليك"، وكذلك فكرة أن الشوارع تكتسب أسماءها بطرق غريبة يدري عنها أحد شيئًا، بل و لا ينتبه لها أحد سوى من يتعلق الأمر لديهم بذكرة بعينها أو لقمة العيش، ولا يمكنني أن أنسى برنامج جميلة اسماعيل في طفولتي"اكسب مرتين" الذي كانت تجوب فيه شوارع القاهرة سائلة الماشين فيها عن اسماء الشوارع وحكاياتها.

ليست هناك تعليقات: