لا أعرف لماذا الآن في هذا الصباح العجيب، الذي استيقظت فيه فزعة خوف التأخر على موعد السفر، بعد أن ألحت أمي في إيقاظي، وبعد ليلة مريرة متكررة من محاولات النوم تنتهي بالنجاح في النوم في لحظة يائسة، أعرف لماذا الآن أريد أن أقص ما حدث يوم حادث السيارة الذي تعرضت له وعائلتي منذ أسابيع ثلاثة، وفي طرفة عين كان من الممكن أن نكون الآن بين يدي عزيز مقتدر، يف أن كل شئ حدث في لحظة لم أنتبه لها من الأساس لأنني كنت كعادتي في السفر أقرأ!، ثم تبدو فكرة قص ماحدث ساذجة وعبثية، رغم أن ما حدث كان مفاجئًا حتى على واحدة مثلي لطالما تخيلت لحظات مماثلة للحداثة ، بل وجمح خيالها إلى أن تفقد كل آلها وذويها ، ولطالما بكت وحدتها المتخيلة بعد حادث مماثل!
ورغم أن هذا الحادث ذاته والذي بحمد الله لم يسفر عن خسائر في الأنفس ولا في الأرواح، بل أن أحدنا لم يُصب حتى بخدش، فقط الصدمة التي نالت منا جميعًا، أمي في لحظتها، وأبي وزوج خالتي ليلتها، وأنا وإن كنت لا أعرف هل ذهبت الصدمة أم لا!
ورغم أنه مؤخرًا أعرف عن الكثير من قصص الموتى وهم ربما في مثل سني تقريبًا،كآخر من عرفت عنهم في غيبوبة سكر سقط إثرها من شرفة منزله ووافته المنية، وإدراكي بعد ذهولي من الخبر الثاني أنني أيضًا كنت قيد أنملة من الموت، ففيم العجب؟
ربما لهذا السبب تبدو الكتابة عن هذه اللحظة عبثية، ماذا قد تغير التفاصيل ؟ النهاية واحدة، ربما هذه المرة أمهلني الله فرصة ثانية للحياة، وربما أنا لم أعد أهاب الموت، لم أعد أهاب ما سيليه من حصاد لنتائج هذه الحياة الغريبة التي لا زالت تعتمل،لم أعد أجزع من تلقي خبر موت أحد كما حدث مع خبر وفاة زميلي في الغربة.
ثم تنتابني رغبة في حكي الحلم الذي رأيته قبل الحادث بمدة لا أذكرها ذل الذي تطاردني فيه وحوش أو كلاب لا أذكر تحديدًا في منزلنا الذي لا يشبه منزلنا، واندلاع حريق نهرب منه جميعًا على الدرج الذي لا يشبه درجنا، تتقدم المسيرة جدتي في هيئة شبابها الذي لم أعهده، وهي المتوفاة منذ سنوات عديدة، وانتهاء الدرج بنور سماوي ودخان ولحظة تشبه الحساب، تشفع لها أعمالها الطيبة وتعبر - الخطر، بينما أنا أتراجع قليلًا، إلى أن أرتل غيبًا من سورة النور -التي لا أحفظها - وتنجيني من العذاب وتشفع لي،.
هل تغير كل هذه الثرثرة من أي شئ؟
لا أظن..
لذلك كان من العبث حكايتها اللهم إلا خشية النسيان..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق