الخميس، يناير 26، 2012

فيلم التحرير ٢٠١١: الطيب و الشرس و السياسي




شاهدت منذ قليل الفيلم الوثائقى "الطيب و الشرس والسياسى" و رغم أننى لم أكن أنتوى التدوين فى هذه الفترة ،الا أن الفيلم يستحق و بشدة أن اخرج من صمتى التدوينى..

بداية لست من محبى مشاهدة الوثائقيات لأسباب عديدة أولها و أهمها أنها ورغم دسامتها فى المحتوى -وهو غالبا ما أحبذ مشاهدته -مملة، تشاهدها لدقائق معدودة و تجد نفسك تتثاءب و توشك على النوم ،والسبب المباشر فى ذلك أن العرض monotonous و لا أعرف كيف أترجمها،مما جعل والدى دوما يشاهدها فى تحضره للنوم، وهو سبب اضافى لأكرهها ،المهم أن هذا الفيلم كسر لدىّ حاجز مشاهدة الوثائقيات،  و صانعو الفيلم كانوا من الذكاء بحيث أعطوه اسما تجاريا جذابا يجعلك متشوقا لتشاهد حتى ولو كان وثائقيا!

العنوان ذاته مستوحى من اسم الفيلم الويسترن الشهير "The good, The bad & the ugly" وهو عامل جذب اضافى ،وان كان أبطال الفيلم المذكور "كلينت ايستوود ،لى فان كليف ،الى والاش" فان أبطال فيلم ثورتنا الوثائقى هم "الشعب ،الشرطة ،مبارك"

الفيلم مقسم الى ثلاثة أجزاء ،كل منهم يعرض وجهة نظر بطله أو يحلل موقفه و ما بدر منه فنجد:
- فى الجزء الأول "الطيب" يعرض بشكل مؤرخ ما حدث فى الثورة  من خلال نماذج لشباب شاركوا فيها وحكوا قصصهم و تجربتهم بالاضافة الى وصف كل ما حدث على أرض الأحداث.

- الجزء الثانى "الشرس" وهو يتناول دور الشرطة قبل و أثناء الثورة ،ويعرض وجهة نظر من يعملون فى جهاز الشرطة أو من عملوا فيها سابقا، ولم يغفل بالطبع الاشارة الى جهازى أمن الدولة و الأمن المركزى و هما أكثر قطاعين لهما دور فى و اثر اندلاع الثورة، ولا شك أن تناول هذا الجزء كان موضوعى و فى الصميم و أعجبنى رسوم القلم الرصاص التى عرضت فيه.

الجزء الثالث "السياسى" وهو يتناول النظام المصرى ممثلا فى رئيس الجمهورية السابق مبارك، و تم تناول ما بدر منه على مدار الثلاثين عاما المنصرمة من خلال ما سجل له من أحاديث و لقاءات،فهذا الجزء و على خلاف سابقيه فى الفيلم لم يتحدث ممثله بلسانه الفعلىّ و لكن بلسان ما بدر منه ،وما أضفى الموضوعية هنا كانت تصريحات موالين النظام السابق ك الوزير السابق أحمد درويش، و د حسام بدراوى عضو امانة سياسات الحزب الوطنى و غيرهم،و يبدو لى أن تعذّر أن يكون  تواجد مبارك بشخصه فى الفيلم وضع منتجيه فى مأزق كيف نعرض ما بدر منه، لذلك جاءت فى صورة "كيف تصبح ديكتاتورا فى 10 خطوات"  ،وهو ما يبدو للوهلة الأولى شاذا عن الايقاع الجاد للفيلم ،الا أنالخطوات كلها منطقية و فى الصميم فى تناولها،وهو ما يجعلك متابعا وراضيا تماما، الا من وطأة السؤال الذى طرح نفسه و بقوة "كيف كنّا مغيبين الى هذه الدرجة؟" و ينتهى الفيلم و تجد نفسك أسير ذكريات هذه الأيام بحلوها و مرّها.

بانتهاء الفيلم و عدم اكتمال الثورة تذكرت جملة كررتها فى مواقف عدة على مدار ثلاث سنوات ماضية و هى تعبر عن الحقيقة الفعلية للشعب المصرى "I'm All in All, The good, The bad & The ugly"وهذا يذكرنى  بما رددته مرارا أيضا "من لا يملك قراره لا يملك حريته " و لا يخفى عليك أنها مستوحاة من العبارة الشهيرة لمصطفى كامل على ما أذكر ،و يبدو أنه حينها كانت حاجات الانسان الأساسية كالطعام و الشراب و غيرها هى كل ما يهم الناس، و مازال هذا قائما الا أننى أن الحقيقة حاليا تخالف نظرية ابرهام ماسلو للحاجة ،فالسبيل الى قوت يوم كل مواطن يتحقق بان يملك كل مواطن قراره أى يحقق ذاته، و أن ينعكس هذا على السياسة والتى بشكل أو بآخر تغير مصير اقتصاد الدول و الأفراد.

كل الشكر لكل من ساهم فى أن نغير من منظرونا عن الوثائقيات،و فى انتظار أن تكتمل حكاية "الطيب والشرس و السياسى" و أن تكتمل الثورة قبلها.

ليست هناك تعليقات: