السبت، نوفمبر 19، 2011

سياسة الكلام و كلام السياسة

منذ ثلاثين عاما و الكلام فى السياسة ليس من الكلام المباح،لأن هنا فى مصر تعودنا أن الكلام فى السياسة لا يجلب سوى المتاعب التى أولها السجن بالطبع،أذكر أن أيام محاكمة طلعت مصطفى انتشرت نكتة تقول:"يا ريس هيسجنونى عشان قتلت سوزان "..قاله الريس:"وهى دى سوزان اللى قلت لك عليها؟!" حينها مررت الرسالة على الهاتف لخالتى التى وجدتها تتصل بوالدتى قائلة:"ماتخليش داليا تبعت رسايل زى دى تانى!"
لكننى مقتنعة و بشدة ان الكلام فى السياسة يحتاج فى البداية الى سياسة فى الكلام،أن تعرف كيف تتكلم و عن ماذا تتكلم و مع من تتكلم،لأن السياسة و الكلام فيها ليست  و فقط معبرة على أنك مطلع على كل ما يحدث ،بل هى تعبير عن طريقة حياتك و عن من أنت!..يبدو كلامى مرسلا و لكن اليكم الأمثلة على ذلك:-
-1-
فى الأيام الأولى للثورة عندما خرج صفوت الشريف و أطلق تصريحا لا اذكره الآن و بينما أتابع الخبر مر أخى الصغير أمام التليفزيون قائلا "مش ده كلين؟""كلين مين؟"""نظيف يعنى".."لأ ده صفوت الشريف".

-2-
كل سائقى التاكسى اليوم يتكلمون فى السياسة ،ما بين مع الثورة و ضد الثورة ،ومع الاخوان ،و ضد الاخوان،وبوظوا البلد وغيرها و فجأة أصبح جميعهم يفهمون فى السياسة ويتكلمون بحرية شديدة!

-3-
فى العيد الماضى وجدت أخى ذاته يسألنى "يعنى ايه ليبرالية؟".."هى الحرية فى الرأى و الفكر و التعبير" قالى""كنت فاكرها مذهب دينى!"،سألته بتسأل ليه؟"قال "لا أبدا"
اليوم قص لى أخى عن ماتش الكورة الى لعبه صباحا فقال "فلان صاحبى ده MB"
سألته"يعنى ايه؟"
قال"اخوان يعنى"..
اندهشت لكونه يعرف الاختصار و أكمل"وفلان سلفى" وقال "كل ما يدخل جون يقولوا الله أكبر،ولما يفوتوا جون يقولوا "قدر الله وماشاء فعل" ضحك و ضحكت وقلت له "وانت ايه؟" قال "انا مسلم معتدل"و ساعتها فهمت لماذا سألنى عن الليبرالية!

الأمثلة كثيرة جدا على الكلام فى السياسة و الذى لا تعرف اليوم من أين يبدا و لا الى اين ينتهى!،وفى رأيى ليست السياسة مادة لخوض العامة،ليس لشئ الا أن مرجعياتهم ،وثقافتهم هى التى تؤثر على الآراء التى يكونوها،وبالتالى المواقف التى يتخذونها تبعا لمصالح مرجعياتهم و ليست تبعا للصالح العام!

وهذا يرجعنى للحديث عن سياسة الكلام،عندما يحدث وأخوض مع أحدهم بقصد أو بدون حديث السياسة و الذى لا أفقه فيه كثيرا بالمناسبة،أحاول أن أستشف مع من أتحدث ،وما مرجعياته؟،سابقا لم أكن أهتم بشئ مماثل،لأن حديث السياسة حينها كان أشبه بحوار هزلى لن يفضى الى أى نتيجة على أرض الواقع،وهذا جرنى الى التساؤل عن مرجعياتى وخلفياتى التى على أساسها أكون رأيا يحتمل  الخطأ و الصواب ،ولم أجد ما يناسبنى سوى عباءى الليبرالية الفضفاضة،و حينما أمعنت فى الوصف كانت البراجماتية هى توجهى،لأننى كما أزعم "باخد من كل فيلم أغنية"
وفى كل الأحوال الكلام فى السياسة يحتاج سياسة فى الكلام،ولتختبر قدراتك فى الأخيرة عليك أن تخوض نقاشا مع والدك أو والدتك حول أحد القيم المجتمعية التى لا خلاف عليها من وجهة نظرهم،فاذا وصلت فى النهاية الى أنهم يقولون "رأيك يحتمل الصواب"حينها وفقط يمكنك الكلام فى السياسة،أما و أننى لم أنجح فى هذا الاختبار بعد،فلن أتحدث فى السياسة الى حين.

هناك 3 تعليقات:

Emtiaz Zourob يقول...

بتهيألي انه احنا رضعنا السياسة مع حليب أمهاتنا ..

ربنا يصلح الحال .. بس على فكرة اخوك مثقف ّّّ

غير معرف يقول...

لو تكلم الناس فيما يعرفونه فقط لساد الصمت أماكن كثيرة
:)

Rehab يقول...

وجع البنفسج
يا رب ينصلح الحال..
جايز يكون مثقف :)

أحمد فتح الباب
صدقت :)