الجمعة، أكتوبر 15، 2010

ملك من شعاع

ملك من شعاع للأديب عادل كامل

أول مرة أقرأ له ..الرواية من حيث البنية تقليدية..لاأساليب مبهرة ..الحوار والصراع مكتسب من الخلفية التاريخية للرواية،فهى تحكى أو تتمهن بما حدث لاخناتونبل على الأدق هى بمثابة سيرة تكهنية لحياة الفرعون المصرى اخناتون،وبالطبع كل شخوص الرواية شخوص حقيقية ولهم دور فى التاريخ المصرى الفرعونى.

*أكدت لى هذه الرواية صدق قوة ملاحظتى..اذ يقول الروائى على لسان اخناتون:"على حين يصر بك على أن يقدم رجل تمثاله ويؤخر الأخرى وفقا للتقاليد القديمة"..وهو ما لاحظته أثناء زيارتى للمتحف المصرى و سألت عنه حينها.

*وضت لى هذه الرواية ما كان ملتبسا لدى من حقيقة آتون فى فكر اخناتون..فهو.."ان الاله ليس الكوكب الشمسى نفسه بل "آتون "هو اسم الاله والشمس هى رمزه الظاهرى ،ان حرارة الشمس المولدة للحياة هى الأثر الحى لقوة الله،أما اتون فهو سيد الشمس وسيد جميع الخلق ،انه الدافع الحيوى الذى يسرى فى أوصال الكون،انه النشاط العبقرى المسيطر على جميع المخلوقات انه روح المحبة و الشفقة المنسابة فى الزمان و المكان،انه صاحب القدرة العليا التى يطيعها كل عظيم فى الكائنات وحقير،ليس قرص الشمس هو الاله،لأن الاله لا هيئة له و لا جسد،بل روح مجرد ،قادر ،متناه فى الرفعة ،عظيم السلطان ،لازمان له و لا حد لنبل طبيعته،انه الخالق لكل شئ،ولم يخلقه أحد،لأنه المسبب الأول للعالم"...وان لم يدرك شعبه و حاشيته كل هذا تمام الادراك نتيجة رواسب تعدد الآلهة الراسخة فى ديانتهم القديمة!...شئ آخر اعتبر اخناتون نفسه نبيا مرسلا الى قومه لاصلاحهم.

*من الأشياء التى أوغرت صدر اخناتون عدم مناصرة أهله وذويه له بشكل تام وهذا يتمثل فى والدته الملكة تى،وأيضا أنه لم يعقبالبنين..وان كانت الأولى أتقلت عليه ،فانه تقبل الثانية قائلا لوالدته"اننى لست ككل الرجال يأماه ،لقد شاء أبى آتون أن يرفعنى الى عليا درجات السمو،بحيث لا يمكن أن يأتى من صلبى من هو أشرف منى ،ان ارادتى جبارة يا أمى و زوجى نفرتيتى أذكى النساء ،فلو أننى أعقبت ذكرا يجمع بيم ارادتى و ذكاء أمه لما كان من البشر!"..وهذا الحوار و التخيل لنفسيته من وحى الكاتب.

*أعجبنى رؤيته للشجاعةو الشرف و الوطن..حيث قال:
يرن فى الجو لفظ "الشجاعة"فتعمى الأبصار،ويتلوه "الشرف" فتصم الآذان، ويعقبه "الوطن" فتلغى العقول،واذا الشعب بأكمله قطيع من جرذان عمى صم لا يفقهون،لأن بعض الكلمات الفارغة قد قرعت الآذان،هكذا كان كل من سبقنى من الفراعنة يوجهون سياستهم بالكلام للكلام،دون أن يعنى أحدهم بالمعنى و اللب،فلم يسأل فرعون منهم نفسه مرة:ما هى الشجاعةو ما الشرف و ما الوطن؟،بل كانت جميعها عندهم مترادفات لكلمة واحدة هى الحرب،فالشجاعة هى الحرب و الشرف هو الحرب و الوطن هو الحرب،ثم لم يسأل واحد منهم نفسه عن معنى الحرب،فهى عندهم الشجاعة و الشرف و الوطن للا سؤال،وهكذا تتم حلقات الدائرة المشئومة التى طالما نكبت العالم فى الماضى،وستظل تنكبه فى المستقبل،ولن تستطيع البشرية خلاصا من ويلاتهاما فتئت بجهلها صريعة الألفاظ الرنانة الخاوية.


*يستهل الفصل السادس عشر بقوله"حتى أنت يا مرىرع!"
تذكرنا بجملة يوليوس قيصر الشكسبيرية "حتى أنت يا بروتس!"

*كان مسالما جريئا لا يحفل بما يراه الآخرون من دواعى الحرب و قد عرض وجهة نظره فى خطاب مفوه للجماهير المصرية الغفيرة التى لم تملك الا أن توافقه فى نهاية خطابه على سداد رأيه لولا كيد كاهن آمون الذى أثار الجماهير عليه هو و أعوانه من كهنة طيبة.

الرواية تستحق أكثر من ثلاث نجمات لصالح التحليل النفسى المذهل الذى قام به الكاتب و ان كنت أرى أن صياغة الجمل كانت تحتاج مزيدا من البلاغة ،و على الناشر أن يعنى أكثر بالتدقيق فى نقر الحروف لأنها مضللة فى مواضع عدة.

ليست هناك تعليقات: