عزيزي نادر:
بلى هو موعد رسالتي السنوية، ولكن هذا العام يختلف، لا أكتب بحكم العادة، ولكن بحكم الثرثرة الفارغة التي لا طائل منها سوى تلك الراحة المشتهاة بعد البوح،الآن عمري ستة وعشرون عامًا، ولايشكل ذلك أي فارق معي على النقيض من كل عام سابق،ربما لأنني أصبحت أفكر في اللحظة الراهنة وفقط، هذه اللحظة مثلًا أحاول أن أكتب كل ما يعبر ذهني متجاهلة تمامًا كل الأشياء التي أريد أنهائها، تلك القائمة الطويلة والتي لا تنتهي،وأحاول أن أصفي ذهني تمامًا من صخب الأيام الماضية،ربما سأخبرك الآن عن المجهود الجبار الذي أبذله الآن في محاولة لانهاء أي كتاب أبدأ في قرائته، الأمر أصبح شبه مستحيل، فمثلًا أقرأ قصيدة واحدة لأمل"إجازة فوق شاطئ الاسكندرية"،وتعجبت من أن القصيدة تحمل بالضبط ما أردت قوله في لهجة غاضبة وقاسية،وتركت الكتاب ،وأنا أسأل نفسي كيف يمكنه أن يفعل ذلك؟ كيف يمكنه أن ينكا جرحي بهذه السهولة؟،حتى حدث مرة أخرى أن صادفتني قصيدة أخرى له "الحزن لا يعرف القراءة"،وأوجعتني أيضًا، ظللت أتساءل:لماذا يوجعني امل بينما يؤملني درويش في جداريته الطويلة، لا أفهم!
حتى يوم الأحد الماضي كنت قد استقللت القطار لأول مرة منذ فترة طويلة للجامعة، وكنت أقرأ وتوقفت عند فرويد وتعريفه للوهم ،قرأت الصفحة وتاليتها،وقاطع تركيزي حركة مغادرة الجالس جواري من كرسيه،عدت لقراءة الصفحتين ثانية ،الكثير من الأفكار المشوشة، أغلق الكتاب وأسرح في المشاهد التي تصاحب حركة القطار دون أن أنتبه لأحدها ،أعود من جديد لذات الصفحتين،وكنا حينها قد وصلنا بنها ،سألني راكب ركب لتوه عن الكرسي الفارغ،أجبت ان أحدهم كان يجلس وتركه منذغادرنا قويسناوانه ربما نسي حقيبته،وكان ذهني حينها محمومًا بالكثير من الأفكار عن تلك الحقيبة،ولم أستطع إلا أن أتذكر كيف كان حريصًا على أن يضعها في وضع بعينه بعد أن استرحت في كرسيّ، ربما في الحقيبة قنبلة،ربما ستنفجر قبل الوصول إلى القاهرة، وأن زميلاتي سيذكرن بعد الحادث أنني هاتفت اكثر من واحدة منهن بخصوص العمل،سيعرفون أن الكرسي المفخخ كان الكرسي المجاور لما كنت أجلس عليه، وأنتبه لسذاجة الفكرة،كيف سيعرفن أي كرسي جلست عليه؟،ربما أنجو من الحادث، ولكن كيف؟،أتذكر فكرة الوهم عند فرويد، وأقول لذاتي:كل هذا وهم، ربما هونسيها وفقط،ولا هي مفخخة ولا أي شئ من هذا القبيل، ثم نحن لسنا في الجزائر،ولا تونس!، يقطع حبال أفكاري تلك راكب يطالب الجالس جواري بالكرسي، مدعيًا أن حجز الكرسي من طنطا وأنه ركب في العربة الخاطئة ونبهه الكمسري،إذن لم يكن هذا كرسي الراكب الناسي حقيبته؟ّ!،أقص عليه ما حدث، يرتاب ويجلس قائلًا: الكمسري زمانه جاي، أحاول تذكر ملامح الناسي حقيبته، لااذكر سوى أنه قصير ورفيع القوام ويرتدي تي شيرت أصفر فاقع،ألمح الكمسري مهرولًا في الممر،أناديه، أقص عليه الأمر، يشكرني، ويحمل الحقيبة ويفتح اصغر جيب لها، ومن لا مكان يظهر الناسي حقيبته، ويفاجئني أنه كان مرتديًا قميصًا مخطط أزرق!، إذن كل هذه أوهام!، أعتذر له بينما لازال الجميع يرون أنني كنت على حق في وهمي!، أما أنا فيضايقني فكرة تعديّ على خصوصيته المتمثل في تفتيش حقيبته،حاولت أن أتذكر اللفظ الذي قلته للكمسري،هل هو"ساب أم نسي"،لأن هذا اللفظ سيخبرني أكثر أين أنا من ظني به، لا أذكر ويظل السؤال مطروحًا بلا جواب إلي أن أنتبه قبل نزولي في محطتي في المترو أن هنالك أربعة فتيات يقرأن في ذات العربة التى كنت أستقلها، وحينها أحسم أكري، لايهم اللفظ الذي قلته، يكفي الحاح الوهم عليّ، يكفي تمسكي بالفكرة واصراري عليها حتى ظهر العكس،ولون التي شيرت الذي ظننته يلبسه ولم يكن كذلك يوحي بأنني كنت خائفة من السفر مرة أخرى،كنت خائفة من تكرار الموت بالطريقة التى اعتدت عليها العام الماضي، لحتى تخيلت موتًا آخر بطريقة أخرى،طريقة عجيبة فعلًا، لأنني لم أعد أتابع مجريات الأمور إلا ما يأتي منها عرضًأ أمامي،لماذا يجب أن يكون موتي دراميًا جدًا بهذه الطريقة؟
لماذا أفكر بشدة في الموت دون الانشغال بالحياة؟
الحياة،الكلمة سهلة في نطقها، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل، الأحلام، الآمال ، التوقعات،ماذا لو عشنا كل لحظة بذاتها كما كنت أقول في البداية، أعرف أنني حدت عن ذلك تمامًا حين أخذتني الثرثرة والأفكار إلى كل ما حكيته!لكنني جربت أن أعيش اللحظة، لكن اللحظة ذاتها غير منفصلة عن سابقتها ،ثم هنالك الآخرون،بأحلامهم وآمالهم وتوقعاتهم،والمشكلة أنه كلما زاد قربك منهم أصبحت مطالبًا بتلبية كل هذا حتى لو كان هذا ما لا تريده،بحيث لا يترك لك أي مجال للخصوصية،كأن يتكرر الحديث عن عملية الليزك التي لا أريد إجرائها،فلنقل أنني احتمي بعويناتي من الكثير، هي درع في مواجهة كل ما أكره،لايفهمون ذلك، ويعيدون السؤال:متى تجرين العملية،ألوذ بالصمت،هذا مثلًا ملخص أول يوم في العام الجديد..
اليوم السابق له،الختامي لو صح القول،كان ملبدًا بالغيوم،هذا أول ما لاحظته حين خطوت من المنزل إلى السيارة حيث كانت جاهدة تشدو:والعمر صار جنون، أصل للعمل،يدور محور حديثهن عن الولادة ومخاضها وآلامها وتفاصيل أخرى كثيرة، طلبت منهن أن يغيروا الموضوع،لكن عبثًا ،زادت تفاصيل حكي كل منهن عن الأمر حتى صحت فيهن، كفاية بقى النهاردة عيد ميلادي، هنأوني،وعادت إحداهن تتحدث عن ولادتها الثانية،ة آثرت أن أذهب في المأمورية على إكمال يومي معهن، وكانت أسهل مما توقعت،فقط واجهتني صعوبة العودة للمنزل ، حتى وجدت سيارة أجرة استقللتها، كان سائقها ممن لا يحبون أن يملي عليهم أحد طريقه،فقط اخبره جهتك وهو سيختار، سالني عن المكان تحديدا، فأجبت، فقال أنه سيسلك طريق بعينه، ولم يشكل هذا أي فارق لي طالما سأصل، لكن الطريق عالق، جعله يعود ليسلك الطريق الآخر،وحين وصلت، وبينما أترجل من السيارة ،فاجأتني قطرة مطر على هدبي، حينها وفقط كنت ممتنة للسائق الذي جعلني في هذا المكان والزمان تحديدًا لأدرك تلك القطرة التى عرفت كيف تتجاهل العوينات،وزاد امتناني زخات المطر في كل المرات التي تلت تلك المرة،ريما لأنني اشتهيت البكاء ولم أتمكن،ربما لأنني دعوت مرارًا،وزاد منتحسن حالتي لهوي مع الأطفال، لم أفهم يومًا سبب تمتعي بذلك دومًا، ربما لأنهم يفرضون عليك أي شئ، لأنهم يستمتعون باللحظة الراهنة لأقصى حد، لأنهم صادقون،سلمى سالتني أن أنزع العوينات، نزعتها بهذه البساطة ثم ارتديتها ثانية،هي أيضًا لم تردنا أن نرحل،لأنها استمتعت بوقتها وتريد المزيد من ذلك،وعدتها بزيارة أخرى قريبًا،هي تعرف أن هذا ليس يسيرًا لكنها وافقت على مضض، التعامل معها كان بهذه البساطة.
هل تعرف ما أكثر ما أوجعني مؤخرًا؟
محاولاتي البائسة في إسعاد الآخرين،أن تساعدهم في تحقيق آمالهم،وما يطمحون إليه، أو أن تحاول أن ترسم بسمة على وجوههم،دون حتى أن تقترب من الفلاح،هممت أن أهدس وردة لصديقتي وحين أدركت ما أفعل، قالت:بلاش أنا!، لم أفهم وبينما أعطيها لها تساقطت وريقاتها الملونة إلاقليلًا، قالت:كنت عارفة عشان كده قلت لك بلاش أنا، حظي دايمًا كده، لم أعرف ماذا عليَ أن أن أفعل إذا كان الفعل قد تسبب في عكس ما رنوت إليه تمامًا!
ويوجعني كثيرًا أنني لا أستطيع دومًا أن أقدم إجابات ،نصائح أو أي شكل من أشكال الدعم لمن أحب، ربما لأنني أعرف الآن أنني لا أعرف،لكن احيانًا يؤمن الآخرين أن لديك إجابة، وربما ثقتهم بك هي ما تجعلهم يلجأون إليك،لكنه مأزق لابد منه ولا يمكنك التملص منه،لأنهم أنا،كما أنني هم، وأحيانًا كثيرة يكون التعبير أشق مما أتخيل.
هل قلت أن أستاذة البلاغة حينما صادفتني في ممر الكلية ،سلمت عليّ،ولازالت مُصِرّة أن اسمي "ضحى"؟
لماذا ضحى تحديدًا، لاأفهم، لكن لابأس من الاسم ،طالما كان مؤملًا ،والحقيقة أن نداءها لي بهذا الاسم ابهجني قليلًا،وبمناسبة الأسماء، لم أسم نباتاتي الجدية، كما لم أضعها في الشرفة كما اعتدت،بل وضعتها على الدرج ،بحيث ألاحظها في الجيئة والرواح،هذا لا يعني أنني تغيرت،لكن ربما أحاول أن أكون أفضل،والجدير بالذكر أنني لست بالقوة التي يصفني بها الآخرين، أنا هشة تمامًا كالجليد يبدو قويًا عند السطح لكن في العمق تكون المياه المألوفة للجميع،وذلك وفقط لأن لاأحد سيحتمل انسيابي،حتى أنت لم تحتمل!
أما ما يخص العمل فهذه المرة الأمور في تحسن مستمر أو هذا ما يبدو حتى الآن على الأقل، والأحوال العامة تعرفها جيدًا، نحن نثب إلى الوراء وفي ذات اللحظة تعيد انتاج ذات السقطات، هل هذا غريب؟
المضحك في الأمر أنه ليس غريبًا، ربما لأننا أيضًا لم نتغير ،نحن وفقط وكما يقولون "بنمشي مع الموجة وأول ما الموج يهدا كل واحد ،بيشوف نفسهده لو مكانش شايف نفسه هو بيركب الموجة"
كن بخير، ولو أنك لم تذكرني، وجعلتني أضمن قول درويش "أُنسى ،كأن لم أكن"
كل الأمنيات بسعادة خالصة..
حتى يوم الأحد الماضي كنت قد استقللت القطار لأول مرة منذ فترة طويلة للجامعة، وكنت أقرأ وتوقفت عند فرويد وتعريفه للوهم ،قرأت الصفحة وتاليتها،وقاطع تركيزي حركة مغادرة الجالس جواري من كرسيه،عدت لقراءة الصفحتين ثانية ،الكثير من الأفكار المشوشة، أغلق الكتاب وأسرح في المشاهد التي تصاحب حركة القطار دون أن أنتبه لأحدها ،أعود من جديد لذات الصفحتين،وكنا حينها قد وصلنا بنها ،سألني راكب ركب لتوه عن الكرسي الفارغ،أجبت ان أحدهم كان يجلس وتركه منذغادرنا قويسناوانه ربما نسي حقيبته،وكان ذهني حينها محمومًا بالكثير من الأفكار عن تلك الحقيبة،ولم أستطع إلا أن أتذكر كيف كان حريصًا على أن يضعها في وضع بعينه بعد أن استرحت في كرسيّ، ربما في الحقيبة قنبلة،ربما ستنفجر قبل الوصول إلى القاهرة، وأن زميلاتي سيذكرن بعد الحادث أنني هاتفت اكثر من واحدة منهن بخصوص العمل،سيعرفون أن الكرسي المفخخ كان الكرسي المجاور لما كنت أجلس عليه، وأنتبه لسذاجة الفكرة،كيف سيعرفن أي كرسي جلست عليه؟،ربما أنجو من الحادث، ولكن كيف؟،أتذكر فكرة الوهم عند فرويد، وأقول لذاتي:كل هذا وهم، ربما هونسيها وفقط،ولا هي مفخخة ولا أي شئ من هذا القبيل، ثم نحن لسنا في الجزائر،ولا تونس!، يقطع حبال أفكاري تلك راكب يطالب الجالس جواري بالكرسي، مدعيًا أن حجز الكرسي من طنطا وأنه ركب في العربة الخاطئة ونبهه الكمسري،إذن لم يكن هذا كرسي الراكب الناسي حقيبته؟ّ!،أقص عليه ما حدث، يرتاب ويجلس قائلًا: الكمسري زمانه جاي، أحاول تذكر ملامح الناسي حقيبته، لااذكر سوى أنه قصير ورفيع القوام ويرتدي تي شيرت أصفر فاقع،ألمح الكمسري مهرولًا في الممر،أناديه، أقص عليه الأمر، يشكرني، ويحمل الحقيبة ويفتح اصغر جيب لها، ومن لا مكان يظهر الناسي حقيبته، ويفاجئني أنه كان مرتديًا قميصًا مخطط أزرق!، إذن كل هذه أوهام!، أعتذر له بينما لازال الجميع يرون أنني كنت على حق في وهمي!، أما أنا فيضايقني فكرة تعديّ على خصوصيته المتمثل في تفتيش حقيبته،حاولت أن أتذكر اللفظ الذي قلته للكمسري،هل هو"ساب أم نسي"،لأن هذا اللفظ سيخبرني أكثر أين أنا من ظني به، لا أذكر ويظل السؤال مطروحًا بلا جواب إلي أن أنتبه قبل نزولي في محطتي في المترو أن هنالك أربعة فتيات يقرأن في ذات العربة التى كنت أستقلها، وحينها أحسم أكري، لايهم اللفظ الذي قلته، يكفي الحاح الوهم عليّ، يكفي تمسكي بالفكرة واصراري عليها حتى ظهر العكس،ولون التي شيرت الذي ظننته يلبسه ولم يكن كذلك يوحي بأنني كنت خائفة من السفر مرة أخرى،كنت خائفة من تكرار الموت بالطريقة التى اعتدت عليها العام الماضي، لحتى تخيلت موتًا آخر بطريقة أخرى،طريقة عجيبة فعلًا، لأنني لم أعد أتابع مجريات الأمور إلا ما يأتي منها عرضًأ أمامي،لماذا يجب أن يكون موتي دراميًا جدًا بهذه الطريقة؟
لماذا أفكر بشدة في الموت دون الانشغال بالحياة؟
الحياة،الكلمة سهلة في نطقها، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل، الأحلام، الآمال ، التوقعات،ماذا لو عشنا كل لحظة بذاتها كما كنت أقول في البداية، أعرف أنني حدت عن ذلك تمامًا حين أخذتني الثرثرة والأفكار إلى كل ما حكيته!لكنني جربت أن أعيش اللحظة، لكن اللحظة ذاتها غير منفصلة عن سابقتها ،ثم هنالك الآخرون،بأحلامهم وآمالهم وتوقعاتهم،والمشكلة أنه كلما زاد قربك منهم أصبحت مطالبًا بتلبية كل هذا حتى لو كان هذا ما لا تريده،بحيث لا يترك لك أي مجال للخصوصية،كأن يتكرر الحديث عن عملية الليزك التي لا أريد إجرائها،فلنقل أنني احتمي بعويناتي من الكثير، هي درع في مواجهة كل ما أكره،لايفهمون ذلك، ويعيدون السؤال:متى تجرين العملية،ألوذ بالصمت،هذا مثلًا ملخص أول يوم في العام الجديد..
اليوم السابق له،الختامي لو صح القول،كان ملبدًا بالغيوم،هذا أول ما لاحظته حين خطوت من المنزل إلى السيارة حيث كانت جاهدة تشدو:والعمر صار جنون، أصل للعمل،يدور محور حديثهن عن الولادة ومخاضها وآلامها وتفاصيل أخرى كثيرة، طلبت منهن أن يغيروا الموضوع،لكن عبثًا ،زادت تفاصيل حكي كل منهن عن الأمر حتى صحت فيهن، كفاية بقى النهاردة عيد ميلادي، هنأوني،وعادت إحداهن تتحدث عن ولادتها الثانية،ة آثرت أن أذهب في المأمورية على إكمال يومي معهن، وكانت أسهل مما توقعت،فقط واجهتني صعوبة العودة للمنزل ، حتى وجدت سيارة أجرة استقللتها، كان سائقها ممن لا يحبون أن يملي عليهم أحد طريقه،فقط اخبره جهتك وهو سيختار، سالني عن المكان تحديدا، فأجبت، فقال أنه سيسلك طريق بعينه، ولم يشكل هذا أي فارق لي طالما سأصل، لكن الطريق عالق، جعله يعود ليسلك الطريق الآخر،وحين وصلت، وبينما أترجل من السيارة ،فاجأتني قطرة مطر على هدبي، حينها وفقط كنت ممتنة للسائق الذي جعلني في هذا المكان والزمان تحديدًا لأدرك تلك القطرة التى عرفت كيف تتجاهل العوينات،وزاد امتناني زخات المطر في كل المرات التي تلت تلك المرة،ريما لأنني اشتهيت البكاء ولم أتمكن،ربما لأنني دعوت مرارًا،وزاد منتحسن حالتي لهوي مع الأطفال، لم أفهم يومًا سبب تمتعي بذلك دومًا، ربما لأنهم يفرضون عليك أي شئ، لأنهم يستمتعون باللحظة الراهنة لأقصى حد، لأنهم صادقون،سلمى سالتني أن أنزع العوينات، نزعتها بهذه البساطة ثم ارتديتها ثانية،هي أيضًا لم تردنا أن نرحل،لأنها استمتعت بوقتها وتريد المزيد من ذلك،وعدتها بزيارة أخرى قريبًا،هي تعرف أن هذا ليس يسيرًا لكنها وافقت على مضض، التعامل معها كان بهذه البساطة.
هل تعرف ما أكثر ما أوجعني مؤخرًا؟
محاولاتي البائسة في إسعاد الآخرين،أن تساعدهم في تحقيق آمالهم،وما يطمحون إليه، أو أن تحاول أن ترسم بسمة على وجوههم،دون حتى أن تقترب من الفلاح،هممت أن أهدس وردة لصديقتي وحين أدركت ما أفعل، قالت:بلاش أنا!، لم أفهم وبينما أعطيها لها تساقطت وريقاتها الملونة إلاقليلًا، قالت:كنت عارفة عشان كده قلت لك بلاش أنا، حظي دايمًا كده، لم أعرف ماذا عليَ أن أن أفعل إذا كان الفعل قد تسبب في عكس ما رنوت إليه تمامًا!
ويوجعني كثيرًا أنني لا أستطيع دومًا أن أقدم إجابات ،نصائح أو أي شكل من أشكال الدعم لمن أحب، ربما لأنني أعرف الآن أنني لا أعرف،لكن احيانًا يؤمن الآخرين أن لديك إجابة، وربما ثقتهم بك هي ما تجعلهم يلجأون إليك،لكنه مأزق لابد منه ولا يمكنك التملص منه،لأنهم أنا،كما أنني هم، وأحيانًا كثيرة يكون التعبير أشق مما أتخيل.
هل قلت أن أستاذة البلاغة حينما صادفتني في ممر الكلية ،سلمت عليّ،ولازالت مُصِرّة أن اسمي "ضحى"؟
لماذا ضحى تحديدًا، لاأفهم، لكن لابأس من الاسم ،طالما كان مؤملًا ،والحقيقة أن نداءها لي بهذا الاسم ابهجني قليلًا،وبمناسبة الأسماء، لم أسم نباتاتي الجدية، كما لم أضعها في الشرفة كما اعتدت،بل وضعتها على الدرج ،بحيث ألاحظها في الجيئة والرواح،هذا لا يعني أنني تغيرت،لكن ربما أحاول أن أكون أفضل،والجدير بالذكر أنني لست بالقوة التي يصفني بها الآخرين، أنا هشة تمامًا كالجليد يبدو قويًا عند السطح لكن في العمق تكون المياه المألوفة للجميع،وذلك وفقط لأن لاأحد سيحتمل انسيابي،حتى أنت لم تحتمل!
أما ما يخص العمل فهذه المرة الأمور في تحسن مستمر أو هذا ما يبدو حتى الآن على الأقل، والأحوال العامة تعرفها جيدًا، نحن نثب إلى الوراء وفي ذات اللحظة تعيد انتاج ذات السقطات، هل هذا غريب؟
المضحك في الأمر أنه ليس غريبًا، ربما لأننا أيضًا لم نتغير ،نحن وفقط وكما يقولون "بنمشي مع الموجة وأول ما الموج يهدا كل واحد ،بيشوف نفسهده لو مكانش شايف نفسه هو بيركب الموجة"
كن بخير، ولو أنك لم تذكرني، وجعلتني أضمن قول درويش "أُنسى ،كأن لم أكن"
كل الأمنيات بسعادة خالصة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق