عزيزى..
ساعات قليلة وينتهى عام العجائب إلى غير رجعة،ويأتى بعده عام أأمل منه كل الخير، فقد كان سابقه حافلًا بكل ما لم أتخيل يومًا ما،يكفى فقط كل ما حدث بعد أن أتممت ربع قرن من الحياة، بعدها أدركت أن اختيارات جد صغيرة تصنع فروقًا لا يمكن تصورها، لكننى كنت آمل أن تكون إلى جوارى على الأقل فى الأسبوعين الماضيين!
حديثى عنك وإليك يطول، أزمتى معك محض وجودية، فأنت خيال وحلم ،كأفلامى التى أحب مشاهدتها، لكننى على الأقل أستطيع مشاهدتها، لا الأمر أصعب وأدق من ذلك، الأمر يشبه أن تصف أحد الغيبيات، هل يمكن أن تصف الله؟ لا لا يمكن ، لأننا وببساطة لا يمكننا أن نحيط به علمًا،ولأنه أغلق علينا هذا الباب منذ هبطنا إلى هذه الأرض، ويمكننا فقط أن نحصر عددًا محدودًا من صفاته، منذ أسبوعين تقريبًا جاءنى تعليق من مجهول بلغة غريبة على أول رسالة كتبتها فى هذه السلسلة ،كانت الجملة تقول:"Бог есть но я в него не верю !!!" ،وترجمها جوجل من الروسية الى العربية فكانت الترجمة "الله هو هناك ولكن لا أعتقد ذلك!" حينها وددت لو رددت على هذه الجملة ب" أننى موقنة من أن الله هناك و لن أحيط به علمًا ،لكن هناك أشخاص أشك فى وجودهم" وكنت أقصدك أنت!
لكننى حينما أفكر فى أبطال أفلامى أدرك أن من كتب هذه القصص من البشر حتمًا عاشوا أو عاصروا ما جعلهم يجسدون شخوص أبطالهم كما رأيتها، وهذا وحده دليل على أنك قد تكون حقيقيًا وموجودًا، جُل المشكلة أيضًا أن هذا التفكير ذاته دفعنى أكثر من مرة إلى حافة الجنون، فمثلًا فى أحد أيامى القاهرية وبينما كان علىّ أن أبتاع شيئًا ما قبل اللحاق بالقطار استقللت سيارة أجرة إلى وجهتى، وحينها لاحظت أن السائق الشاب يطوى وريقة وينطلق الى حيث وجهتى وحين ازدحم الطريق ،أعاد الوريقة إلى يساره وخطّ شيئًا بالقلم الرصاص،وطواها بسرعة حينما لاحظ متابعتى له من طرف خفى،وحينها عرفت أننى اقتحمت خصوصية أحدهم حين ظننته أنت!
ماذا لو أحدثك عن هذا العام قليلًا؟
لقد كانت هناك تنبوءات عدة بانتهاء العالم فى هذا العام أكثر من مرة كما تعرف، آخرها منذ عشرة أيام، يومها قلت لنفسى: ماذا لو صدقت نبوءة قبائل المايا وكانت نهاية العالم بالفعل!، فهل ينتهى العالم دونك؟" يومها كانت البرودة غير محتملة ،لحتى ارتديت الكثير من الملابس أملا فى الدفء، لكن البرودة لم تكن بفعل الجو فقط!، البرودة كان لها مصدر آخر!، ولم ينته العالم، ولم تكن موجودًا أيضًأ!
آه... لا يمكننى تفويت كل ما حدث هذا العام فى شئون البلاد والعباد، فمثلًا اليوم فى العمل كنا نتحدث بشكل عابر عن ما آل إليه حالنا،فقالت إحدى الزميلات أن حكم هذى البلاد كان لابد أن يكون من نصيب شباب الثوار لأنهم من ذاقوا الموت والجراح لأجل أن نتحرر، ولقى هذا الرأى اجماع كل من سمعه ،وأجمعوا أيضًا ألا أحد من الأسماء التى طٌرحت للرئاسة تصلح،لأنه ببساطة كلهم يبحث عن مصلحته وفقط،إنما نحن فقط من يحب هذه البلاد، الجملة مؤثرة وفى غاية الوطنية ،لكننى لم أملك سوى أن أبتسم تهكمًا من داخلى ،لأن كلمات حب الوطن سهلة ومطاطة ،وقياسها لا يكون بالحرارة والحماس التى تقال به ،ولكن بما يحدث على أرض الواقع ،وهو فى الحقيقة لاشئ!، كلماتى هذه ليست تشاؤمًا بقدر ما هى اعتراف بمرارة الواقع والذى لن أنكر أننى جزء منه!
لكننى لن أنكر أن هناك جرعة من الأمل تسربت إلى الأسبوع الماضى، لأننى اكتشفت أن هناك من يعملون بالفعل لأجل هذا الوطن ،وحتى لو حُسبوا على جمع الفلول،لكنهم بالفعل أرسوا بعض القواعد ،وواجهوا من العقبات أضعاف أضعاف ما نقابل، لأنه وببساطة أنا وأنت، نعلق أحيانًا عجزنا على شماعة أنه مما بذلنا من الجهد فإن لا شئ يتغير -وإن كان هذا يتعارض مع نظرية أثر الفراشة- لكن هؤلاء يعرفون أن يمكنهم التغيير إذ رأوا نتائج ذلك بأعينهم، ورأوا أيضًا الضغوط والمعوقات من النوع الذى قرأنا عنه وعرفنا عنه بعد الثورة!، فقط لُمت عليهم حينها أنهم لم يوصلوا رسالتهم إلينا !
لازال هناك بصيص أمل فى غد أفضل، ولو أن الصورة الكلية الآن ضبابية وغير مبشرة، على كل حال كل ما أحاول فعله الآن هو ألا أجعل أى طاقة سلبية تتسلل إلىّ!