الأحد، سبتمبر 20، 2015

ثرثرة ١٨

نعتها بالخائنة لأنها خذلتني مرارًا مؤخرًا، لكنها أيضًا لم تخذلني تمامًا منذ يومين، فقدت هاتفي حينها، وهو لو تعلمون عصب الحياة الأمريكية، فبه أعرف موعد ومكان الحافلة، قد يبدو هذا هينًا، لكن الحقيقة أنني لن أعود للمنزل إلا بهـذه ، الطريقة، أي أنني لن أدرك الأمان دونه، والحقيقة أكثر ما آلمني توالي الأحداث التي أدرك فيها كم تخذلني، فقبل حادثة الهاتف بيومين وبعد وصولي الجامعة وقبيل محاضرتي بعشر دقائق أدركت أنني نسيت دفتر فروضي بالمنزل، والمشوار سيكلفني ساعة إلا ربع، اللهم إلا إذا أدركت الأتوبيس ذهابًا أو إيابًا فحينها سيكلفني الطريق نصف ساعة، ولم أضيع الوقت استأذنت أستاذي الذي لم يبد اعتراضًا لأنطلق بين الركض والمشي في طريقي لا ألو على شيء سوى أن أدرك الحافلة في طريق العودة أو أن أدرك إحدى رفيقتي سكني، ووفقت للخطة الأولى، كما أنني لا أستطيع أن أنسى تغيبي عن أول أيام الجامعة لأنني ببساطة نسيت، لم أستطع أن أقدم حينها سوى الاعتذار، وقد تقبلوه ببساطة لأنني كنت قد بادرت قبلها واستعلمت عن كل شيء في زيارة سبقت البداية باسبوع، لكن في حادثة الهاتف لم تخني ذاكرتي كلية، صحيح أنني نسيته في البداية، لكنني كنت على يقين تام أين نسيته ولم أجده لا أنا ولا زميلتي التي ساعدتني في البحث.
لولا مثابرتي في البحث عنه في ذات المكان الذي جلست فيه في اليوم التالي لما كنت وجدته، ذلك أنه كان محشورًا بين زاوية الكرسي وبطانته، كانت فرحتي طفولية قافزة عارمة لحتى انتبه كل من في غرفة الطلبة وهنأوني.
نسيت كل الدراما التي عشتها في الليلة السابقة، ولم أنس أن أسباب ضيقي منذ جئت هنا سببها الذاكرة التي تتذكر ما أريد أن أنساه وتنسى ما أريد تذكره.

ليست هناك تعليقات: