فى البداية أشكر صديقتى العزيزة عفاف لصبرها على الرواية كل هذه المدة .. حتى أننى كنت قد نسيت أنها لدى..حتى تذكرتها منذ ما يقرب من أسبوعين..وبدأتها على سبيل مكافأة ما بعد المذاكرة ..وأحيانا قبلها :D..المهم سأتحدث عن الرواية..بدءا من العنوان..هو غريب بلاشك..حتى و ان عنى " المدينة الفاضلة"..الكاتب د\أحمد خالد توفيق ..غنى عن التعريف خاصة من القراء من جيلنا..وهو معروف بتناوله للأساطير و الميتافيزيقا بشكل ممتع..ولكن كان هذا بعيدا عن روايته..ان روايته تعبر عن واقعنا المؤلم من خلال خيال الكاتب..فى الغالب أستمتع بقراءة المآسى..وأصبح مشدوهة الى النهاية.. و لكن هذه المرة تختلف..فلم أنجذب لها..لم أتجاهل كل ما لدى من أشياء لإنهاءها..بل جاء ذلك تبديدا لوقت السفر..الرواية بشكل أو بآخر تتناول مقارنة بين حال أو وضع فئتين ..الطبقة الارستقراطية ممثلة فى بطل الرواية...و بالطبع لا أذكر اسمه:D..وهو يسكن يوتوبيا المعزلة عن الفئة الأخرى و هى الطبقة المطحونة وممثلها جابر..الحقيقة أنه أجرى مقارنة شبه عادلة بينهما فقد أوضح أن البطل كان يقرأ ليكون مختلفا داخل عالمه اليوتوبى..و كذلك جابر الذى أراد أن يعرف و لا ينشغل فقط بتلبية ما يحتاجه للحياة..وجه آخر للمقارنة كان أخلاقهما..فبينما البطل لا يتمتع بقدر وافر منها و قد اتضح هذا فى أكثر من موقف منها تعديه على صفية أخت جابر..و منها قتله لجابر نفسه رغم أنه ساعده ليعود الى عالمه!...أما جابر فهو صاحب مبدأ كما يقولون ..وحتى ان وسوس له شيطانه أن يفعل اثما بدافع الانتقام ..الا أن انسانيته و مبادئه كانت رادعا له من المضى قدما فى تنفيذ ذلك!..
وجه أخير للمقارنة كان وصول كل منهما لهدفه بشكل أو بآخر..فالبطل..حصل على صيده الذى أراد أن يتباهى به..خاض تجربة جديدة أبعدته عن الملل قليلا..جابر..مات كما تمنى أن يحدث ، و ليس هذا فحسب بل أصبح بطلا و سببا لأن تقوم الثورة ضد يوتوبيا!
تنتهى الرواية باستمرار الصراع بين الطبقتين..و ان كان الصرا فى البداية صامت كل فى حاله....الا انه انتهى فى الرواية بصراع مباشر بين الفئتين..وترك الكاتب النهاية مفتوحة..وبذلك يستطيع كل منا أن يتخيل كيف ستكون النهاية فى يوتوبيا!
رغم أننى ذكرت أن الرواية لم تأخذ لبى ..الا أن هناك بعض المقاطع أعجبتنى ومنها ما توقفت عنده و منها ما يشكل قريحة البعض منا فعلينا أن ننتبه.. وسأذكرها هنا...
1
-شعار يوتوبيا العام:-افعل ما تريد طالما لم تعتد على مال باقى سكان يوتوبيا..و الأهم افعل ما تريد لكن ابقه سؤاحتى لا تضع على عاتقنا عبء أن نبدو حازمين ، و لا تضع على ضمائرنا عبء أن نتظاهر بالشفقة!"
2-الأغرب أن الكحول الميثيلى لا يصيب هؤلاء القوم بالعمى كما يفعل فى العالم كله..لو كانت معدتهم من حجر ، فكبدهم من فولاذ،وعصبهم البصرى كابل كهرباء!
3-يمكن أن يتحمل المرء الحياة بلا مأوى.............................لكنه لا يتحمل الحياة بلا أحلام..منذ طفولتى لم أجرب العيش بلا أحلام..أن تنتظر شيئا ..أن تحرم من شئ ..أن تغلق عينيك ليلا و أنت تأمل فى شئ ..أن تتلقى وعدا بشئ!
4-قالت لى مرارا:- أنت تقرأ كثيرا..أنت مجنون..
قلت لها ان القراءة بالنسبة لى نوع رخيص من المخدرات ،لا أفعل بها شيئا سوى الغياب عن الوعى..فى الماضى- تصور هذا- كانوا يقرأون من أجل اكتساب الوعى!
5-نجاة تقول لى:- تزوجنى يا جابر..سأكون خادمة تحت قدميك!
قلت لها ان الناس يجب ألا تتزوج الا لكى تأتى للعالم بمن هو أفضل ..طفل أجمل منك..أغنى منك..أقوى منك!..ما جدوى أن يتزوج الشقاء من التعاسة ؟..الهباب من الطين؟..ما الجديد الذى سنقدمه للعالم سوى المزيد من البؤس؟...قلت اها انهم فى يوتوبيا يستحقون الزواج و الانجاب ..قالت انهم فاسدون و أولاد كلاب..قلت لها انهم من يحدد معنى الفاسدين، ومن هم أولاد الكلب حقا ،لهذا من حقهم أن يتزوجوا و ينجبوا!..كل من يملك عشاء ما بعد عامين من الآن يستحق أن يتزوج و ينجب!
6-أنا لا أفهمه..أعتقد أنه من الطرازالمثقف فى وسط ليس وسطه.الخروف الذى يفكر يصير خطرا على نفسه و على الآخرين..أنا أعتبر مثقفا فى يوتوبيا ..أنا من القلائل الذين قرءوا كل شئ وقع تحت أيديهم، لكن هذا لا يجعلنى أتعاطف معه ذرة ..ليست الثقافة دينا يوحد بين القلوب و يؤلفها ، بل هى على الأجح تفرقها، لأنها تطلع المظلومين على هول الظلم الذين يعانونه ، و تطلع المحظوظين على ما يمكن أن يفقدوه..انها تجعلك عصبيا حذرا ..دعك من تحول قناعاتك الثقافية الى دين جديد يستحق أن تموت من أجله، و تعتبر الآخرين ممن لا يعتنقونه كفارا!
الآن و أنا أنهى هذه التدوينة عرفت سبب عدم انجذابى لهذا النوع من المآسى..ليس لأنها واقعية مفرطة..و لكن لكونى تفاؤلية مفرطة!