"صوتك محبط، واضح ان كان عندك ساعة ضيعتيها ومعرفتيش تعملي فيها ايه، بس يعني بكرة هتستغلي وقتك كله"
لا أملك إلا أن أضحك أمام تعليق أخي الذي يعرف من صوتي أنني مجهدة جدًا ويخفف عني بطريقته المعنادة، وددت حينها لو قلت له شيئًا من الأمور الكثيرة التي لحظتها في يومين وأنهكتني أكثر من ساعات المحاضرات الطويلة، وددت لو حكيت له مثلًا عن إسبوعين كاملين من المهام التي أوكلها لنفسي ولا تنتهي، لكنه يخمن، لكن ما لا يمكن استنباطه وتخمينه هو أنني لا أحتمل المتناقضات الصارخة حولي، الوجوه المتلونة الخائفة، القتل بدم بارد والافلات من القصاص، وعدم الاكتراث بالأرواح الزاهقة بل تجاهل الحدث تمامًا، نبهني للأمر سائق الأجرة حين اشار "ده ولا كانه نازل انتخابات في مصر" مشيرًا لبوتين وصوره التي تملأ الشوارع بشكل أكثر من مستفز،و بينما ننتظر فتح إشارة المرور المؤدية لكوبري قصر النيل، بينما الميدان مكتظ بكل رتب الشرطة التي يمكن أن يتخيلها إنسان، والشوارع خالية اللهم إلا من مارة قلائل، والأعلام المصرية والروسية مرفرفة، نهر النيل يشهد في سابقة من نوعها جولات الشرطة النهرية التي لم تسمح لأحد بالصيد أو التنزه في قارب صاخب بموسيقى مريبة، ولاأثر لأي بائع متجول، وكما أشار السائق أيضًا في لهجة ساخرة "حتى الحبيبة لموهم!" وكل شئ كما ينبغي له ان يكون في عالم مثالي في مكان متحضر، وذلك فقط لزيارة المذكور، التي تولى كل الاهتمام والعناية بينما لا حساب لروح إنسان !