منذ عدة أيام، أستيقظ وأنا سعيدة ونشيطة لسبب غير مفهوم، خاصة وأن الليلة السابقة كانت أسوأ ليلة مررت بها منذ حين، فقط لأن يومي لم يسر كما خططت له، كما أن شيء من المرض تسرب إلى معدتي، وهو ليس بغريب خاصة أنني آكل بالخارج أغلب الوقت، كنت على حافة اكتئاب، فلا شيء يقهرني سوى تقريع ذاتي معززًا بألم جسدي، وهكذا قررت في ذلك الصباح الباكر جدا، أن أستمع لموسيقى ما تحمسني، لم أفكر مرتين، كانت أغنيات ألبوم يسرا الهواري هي اختياري، وكانت خلفية يومي السابق في العمل، لم أول كلمات أغانيها كثير من الاهتمام حتى ذلك الصباح، وجدتها تقول لي:
"الدنيا أكبر من الأوضة اللي مش عارفة أخرج منها
"واللي مزاجي الليلة سامح أو حالف إني ما أعتبها
أسأل نفسي هل تتحدث عني؟
ثم أدرك أنها ربما تفعل ذلك، فأجد نفسي في موقف أريد تغييره، أجد لبنى ترشح مشاهدة فيلم عن الجسد والروح لصديقة، أتطفل على المحادثة وأقترح أنني سأذهب وفقط لو فعلت وذهبت، توافق، فأعرف أن خطتي للهروب ربما تنجح في هذا اليوم، الذي لم أقدر سوى أن أكتب قائمة طويلة بمهام لم أفعل منها أي شيء، ففور أن انتهيت من كتابة القائمة، قررت أنني أستحق أن أستريح، فما الذي أيقظني في السادسة، وما الذي جعلني صمدت للعاشرة صباحا، آه انه المرض، وهو سبب أوجه للنوم، ربما لساعتين أو أكثر، ثم ربما أذهب أقضي مصلحة ما في المعادي، وأودع الصديقة التي اضطرتها الظروف أن تؤانس ليلتي تلك، أنا ممتنة لأنها فوتت القطار تلك الليلة عرضا، لم أكن لأصمد وحدي في ليلة مماثلة.
الدنيا أجدع من الواد اللي أنا نفسي أشوفه ساعات"
بس أهي حاجة من المستحيلات وعايزة لها خطة مدروسة
وأنا عارفة"
أغفو وأستيقظ فجأة عند الظهيرة، لازالت معدتي تؤلمني طفيفا، أدرك الوجود، أدرك أنني لابد أن آكل شيئا ما، وأستعد للخروج، لكن أكتشف أني مصلحتي لابد أن تؤجل وهكذا أقضي قليلا من الوقت مع الصديقة التي تتركني وحدي لأستريح، أعود لسريري شاكرة وجودها، وأفكر ماذا لو مررت بليلة أخرى مماثلة وحدي؟ ماذا لو لم يكن هنالك سند؟ أو على الأحرى هل سيصير لدي سند؟ يباغتني السؤال وأفكر، ثم لا أكترث، لا أحب أن أخوض التجارب فقط لشعور عابر بالوحدة، ولن ألتفت للماضي، ولست ممن يخططن للمستقبل كما تفعل الفتيات عادة. لكنني متفائلة.
"الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أفظع
الدنيا أروع
الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أسرع
الدنيا أوسع
الدنيا فيها وفيها وفيها
الدنيا فيها اللي مكفيها
بس أنا حالفة لأمشيها بدماغي وأبقى قد القول"
فلنقل أنني يومها لم أرد أن أفكر في أي شيء يخص العمل والمشاريع الكثيرة القائمة، قررت أن أقرأ قليلًا وفاجأني كازانتزاكس الذي كان اختياري لحظتها بقوله:
"ثلاثة أنواع من الأرواح، ثلاثة صلوات:
أنا قوس بين يديك يا إلهي، فشدني لئلا أتفسخ
لا تشدني كثيرا يا إلهي لئلا أتحطم
شدني كثيرا يا إلهي فمن سيهتم لتحطمي"
أفكر في الثلاثة أنواع من الأرواح وأتسائل أيها أنا، لوهلة تعجبني الروح الأولى، لكن أدرك أن هذه الروح تطلب من الله أقل القليل: أن يكون لها جدوى، فأجزم أنني ربما الثانية، لكنني لست بتلك الهشاشة، فأنا الثالثة إذن، مم، لا تعجبني فكرة أن أحدا لن يهتم لتحطمي، أنا بين الثانية والثالثة، فأنا قوية هشة تماما كطبقة الجليد الرهيفة التي تبدو صلبة بما يكفي لتتحمل وزن طائر دوري أو بطة برية، والتي ستتهشم لتكشف هشاشتها إذا توقف عليها كائن أثقل، وربما أنا أفتقد الجليد.
"الدنيا أبسط من ساعات بتضيع بفكر إزاي لبسي هيخبيني
الدنيا أعقل من اللي قادر إنه يعاكسني واللي مايقدرش يبص في عيني
الدنيا أعقد من شفت مين وشافني فين واللي فاكرينه عني التانيين
وأنا مش خايفة"
أدرك أنه ليس أمامي الكثير من الوقت على موعد ملاقاتي للبنى، فأتفقد ملابسي وأقضي وقتا طويلا في تخير ما ألبس، ليس لشيء سوى أنني لا أعرف كيف هو الطقس، الجو غائم، فهل يعني هذا برودة؟ أفكر أنني سأرتدي قميصا وفوقه بلوفر وفي حقيبتي سأحمل واقي المطر. لا يستغرق الطريق طويلا، وأتجاهل كل الأعين الفضولية.
" الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أفظع
الدنيا أروع
الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أصيع
الدنيا أوسع
الدنيا فيها وفيها وفيها
الدنيا فيها اللي مكفيها
بس أنا حالفة لأمشيها بدماغي وأبقى قد القول"
أقابل لبنى ونقضى الساعة قبيله نتحدث، أخبرها عن الألبوم، نتشارك أغانينا المفضلة منه و
أشاهد الفيلم الجميل، كنت مبهورة بالفكرة والأداء، التفاصيل الدقيقة، العادية، العميقة، الصادمة، الرقيقة، تبكيني البطلة وهي تقطع شرايينها، وتضحكني حين تلصق معصمها بالشريط اللاصق مخبرة حبيبها أن عليها أن تقوم بشيء سريع قبيل المرور عليه، ولم تذكر أن هذا الشيء هو المرور على المشفى. نهاية سعيدة غير متوقعة. لكن يمكن تصديقها.
الدنيا أطول من الساعة اللي لازم أروح فيها"
الدنيا أهم من إني أثبت لك
الدنيا أقصر من إني أشرح لك
الدنيا فيها وفيها وفيها
الدنيا فيها اللي مكفيها"
نتناول شيئا من الفطير كما اقترحت غادة، آكل ببطء، لأن معدتي لازالت متوعكة، وبعدها غادرنا وكان الوقت قد تأخر بالفعل، فأستقل المترو وأفاجئ بتقاطر الرجال على عربة السيدات الوحيدة في تلك الساعة، كانت لحظتها يسرا تغني في أذني "بس كله يهون"، ألتفت لجمعهم وأقول: هذه عربة السيدات، من فضلكم انزلوا المحطة القادمة" لا أجد استجابة منهم، وحين دخولها، كررت عليهم القول، فانسلوا خارجين جميعهم، وبدأت السيدات في التعليق على الحدث لحظتها، بينما أنا أغمغم لذاتي: الدنيا أكبر من الأوضة بالفعل!
* أغنية من ألبوم يسرا الهواري " نقوم ناسيين"
"الدنيا أكبر من الأوضة اللي مش عارفة أخرج منها
"واللي مزاجي الليلة سامح أو حالف إني ما أعتبها
أسأل نفسي هل تتحدث عني؟
ثم أدرك أنها ربما تفعل ذلك، فأجد نفسي في موقف أريد تغييره، أجد لبنى ترشح مشاهدة فيلم عن الجسد والروح لصديقة، أتطفل على المحادثة وأقترح أنني سأذهب وفقط لو فعلت وذهبت، توافق، فأعرف أن خطتي للهروب ربما تنجح في هذا اليوم، الذي لم أقدر سوى أن أكتب قائمة طويلة بمهام لم أفعل منها أي شيء، ففور أن انتهيت من كتابة القائمة، قررت أنني أستحق أن أستريح، فما الذي أيقظني في السادسة، وما الذي جعلني صمدت للعاشرة صباحا، آه انه المرض، وهو سبب أوجه للنوم، ربما لساعتين أو أكثر، ثم ربما أذهب أقضي مصلحة ما في المعادي، وأودع الصديقة التي اضطرتها الظروف أن تؤانس ليلتي تلك، أنا ممتنة لأنها فوتت القطار تلك الليلة عرضا، لم أكن لأصمد وحدي في ليلة مماثلة.
الدنيا أجدع من الواد اللي أنا نفسي أشوفه ساعات"
بس أهي حاجة من المستحيلات وعايزة لها خطة مدروسة
وأنا عارفة"
أغفو وأستيقظ فجأة عند الظهيرة، لازالت معدتي تؤلمني طفيفا، أدرك الوجود، أدرك أنني لابد أن آكل شيئا ما، وأستعد للخروج، لكن أكتشف أني مصلحتي لابد أن تؤجل وهكذا أقضي قليلا من الوقت مع الصديقة التي تتركني وحدي لأستريح، أعود لسريري شاكرة وجودها، وأفكر ماذا لو مررت بليلة أخرى مماثلة وحدي؟ ماذا لو لم يكن هنالك سند؟ أو على الأحرى هل سيصير لدي سند؟ يباغتني السؤال وأفكر، ثم لا أكترث، لا أحب أن أخوض التجارب فقط لشعور عابر بالوحدة، ولن ألتفت للماضي، ولست ممن يخططن للمستقبل كما تفعل الفتيات عادة. لكنني متفائلة.
"الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أفظع
الدنيا أروع
الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أسرع
الدنيا أوسع
الدنيا فيها وفيها وفيها
الدنيا فيها اللي مكفيها
بس أنا حالفة لأمشيها بدماغي وأبقى قد القول"
فلنقل أنني يومها لم أرد أن أفكر في أي شيء يخص العمل والمشاريع الكثيرة القائمة، قررت أن أقرأ قليلًا وفاجأني كازانتزاكس الذي كان اختياري لحظتها بقوله:
"ثلاثة أنواع من الأرواح، ثلاثة صلوات:
أنا قوس بين يديك يا إلهي، فشدني لئلا أتفسخ
لا تشدني كثيرا يا إلهي لئلا أتحطم
شدني كثيرا يا إلهي فمن سيهتم لتحطمي"
أفكر في الثلاثة أنواع من الأرواح وأتسائل أيها أنا، لوهلة تعجبني الروح الأولى، لكن أدرك أن هذه الروح تطلب من الله أقل القليل: أن يكون لها جدوى، فأجزم أنني ربما الثانية، لكنني لست بتلك الهشاشة، فأنا الثالثة إذن، مم، لا تعجبني فكرة أن أحدا لن يهتم لتحطمي، أنا بين الثانية والثالثة، فأنا قوية هشة تماما كطبقة الجليد الرهيفة التي تبدو صلبة بما يكفي لتتحمل وزن طائر دوري أو بطة برية، والتي ستتهشم لتكشف هشاشتها إذا توقف عليها كائن أثقل، وربما أنا أفتقد الجليد.
"الدنيا أبسط من ساعات بتضيع بفكر إزاي لبسي هيخبيني
الدنيا أعقل من اللي قادر إنه يعاكسني واللي مايقدرش يبص في عيني
الدنيا أعقد من شفت مين وشافني فين واللي فاكرينه عني التانيين
وأنا مش خايفة"
أدرك أنه ليس أمامي الكثير من الوقت على موعد ملاقاتي للبنى، فأتفقد ملابسي وأقضي وقتا طويلا في تخير ما ألبس، ليس لشيء سوى أنني لا أعرف كيف هو الطقس، الجو غائم، فهل يعني هذا برودة؟ أفكر أنني سأرتدي قميصا وفوقه بلوفر وفي حقيبتي سأحمل واقي المطر. لا يستغرق الطريق طويلا، وأتجاهل كل الأعين الفضولية.
" الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أفظع
الدنيا أروع
الدنيا أكبر
الدنيا أحلى
الدنيا أصيع
الدنيا أوسع
الدنيا فيها وفيها وفيها
الدنيا فيها اللي مكفيها
بس أنا حالفة لأمشيها بدماغي وأبقى قد القول"
أقابل لبنى ونقضى الساعة قبيله نتحدث، أخبرها عن الألبوم، نتشارك أغانينا المفضلة منه و
أشاهد الفيلم الجميل، كنت مبهورة بالفكرة والأداء، التفاصيل الدقيقة، العادية، العميقة، الصادمة، الرقيقة، تبكيني البطلة وهي تقطع شرايينها، وتضحكني حين تلصق معصمها بالشريط اللاصق مخبرة حبيبها أن عليها أن تقوم بشيء سريع قبيل المرور عليه، ولم تذكر أن هذا الشيء هو المرور على المشفى. نهاية سعيدة غير متوقعة. لكن يمكن تصديقها.
الدنيا أطول من الساعة اللي لازم أروح فيها"
الدنيا أهم من إني أثبت لك
الدنيا أقصر من إني أشرح لك
الدنيا فيها وفيها وفيها
الدنيا فيها اللي مكفيها"
نتناول شيئا من الفطير كما اقترحت غادة، آكل ببطء، لأن معدتي لازالت متوعكة، وبعدها غادرنا وكان الوقت قد تأخر بالفعل، فأستقل المترو وأفاجئ بتقاطر الرجال على عربة السيدات الوحيدة في تلك الساعة، كانت لحظتها يسرا تغني في أذني "بس كله يهون"، ألتفت لجمعهم وأقول: هذه عربة السيدات، من فضلكم انزلوا المحطة القادمة" لا أجد استجابة منهم، وحين دخولها، كررت عليهم القول، فانسلوا خارجين جميعهم، وبدأت السيدات في التعليق على الحدث لحظتها، بينما أنا أغمغم لذاتي: الدنيا أكبر من الأوضة بالفعل!
* أغنية من ألبوم يسرا الهواري " نقوم ناسيين"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق