قرات هذا الكتاب منذ شهر أو يزيد رغم حيازتى له منذ عامين أو يزيد..و الحمد لله اقلعت تاى حد ما عن عادتى القديمة بأن أقرأ الكتب على التوازى..مما يعنى انهائى لبعضها و نجاح جهودى فى احتمال الملل الذى يسببه ذلك.، أعود للحديث عن الكتاب ..و ما هو الا سيرة ذاتية لكاتبه ألا وهو الأديب ...يحيى حقى..و الحقيقة ان هذا هو العمل الأول الذى أقرأه له..فلم استطع تكوين انطباع فعلى عن أعماله..و لكن عن شخصيته أقول: هو شخص متواضع ..انطباعى..خجول ..
-أثناء قراءتى قابلتنى بعض الكلمات التى لم أعرف محلها من العربية و لكن أسعدنى وجودها مثل:-" الشقانق و المقانق"..*كانت ترددها جدة أبى رحمها الله حينما تشير الى أنها أعدت مائدة تحتوى ما لذ و طاب من الطعام ، أسقط فى يده ، شذر مذر .
-قال فى التقديم " هل فى المذكرات دليل على أن الناس يتوهمون أنهم يعيشون أحرارا فى يقظة الحاضر، و هم فى الحقيقة أسرى فى قبضة أحلام الماضى رغم نسيانه؟...يكفينى أن تخرج هذه المذكرات كأنها نجوى تدور بينى و بين نفسى ملتزما فيها الصدق و الصراحة و النفع ، مهتما بالعبرة لا بالتفاصيل.. وعزائى أننى أستقبل و أشيع كل خطوة بابتسامة ، و لو كانت الذكرى ممضة و الكلام عنيفا ، فالابتسام وحده هو الذى يجعل طلب الصفح جميلا ، و بذل الصفح أجمل ، و يقلب الماضى المر حلوا و الحاضر الثقيل هنيئا و المستقبل الملثم أمنا ..ان كانت الابتسامة أحيانا تنقلب الى سخرية ، فلا بأس ، فمن نفسى - وقبل أى انسان آخر - قد سخرت ، أسير فى هذه المذكرات كما سرت فى حياتى أفرد الشوارع و أقول لزورقى و البحر المخوف أمامه..خليها على الله!
-أثناء تناوله لمراحل حياته وصف أديبين عظيمين فقال:-
-أثناء قراءتى قابلتنى بعض الكلمات التى لم أعرف محلها من العربية و لكن أسعدنى وجودها مثل:-" الشقانق و المقانق"..*كانت ترددها جدة أبى رحمها الله حينما تشير الى أنها أعدت مائدة تحتوى ما لذ و طاب من الطعام ، أسقط فى يده ، شذر مذر .
-قال فى التقديم " هل فى المذكرات دليل على أن الناس يتوهمون أنهم يعيشون أحرارا فى يقظة الحاضر، و هم فى الحقيقة أسرى فى قبضة أحلام الماضى رغم نسيانه؟...يكفينى أن تخرج هذه المذكرات كأنها نجوى تدور بينى و بين نفسى ملتزما فيها الصدق و الصراحة و النفع ، مهتما بالعبرة لا بالتفاصيل.. وعزائى أننى أستقبل و أشيع كل خطوة بابتسامة ، و لو كانت الذكرى ممضة و الكلام عنيفا ، فالابتسام وحده هو الذى يجعل طلب الصفح جميلا ، و بذل الصفح أجمل ، و يقلب الماضى المر حلوا و الحاضر الثقيل هنيئا و المستقبل الملثم أمنا ..ان كانت الابتسامة أحيانا تنقلب الى سخرية ، فلا بأس ، فمن نفسى - وقبل أى انسان آخر - قد سخرت ، أسير فى هذه المذكرات كما سرت فى حياتى أفرد الشوارع و أقول لزورقى و البحر المخوف أمامه..خليها على الله!
-أثناء تناوله لمراحل حياته وصف أديبين عظيمين فقال:-
- على قيد ذراع منى يجلس تلميذ ، يلبس - دون سائر الطلبة - طربوشا قصيرا جدا ، غليظ الأسنان، جاحظ العينين شيئا قليلا ؛ يجلس معتمدا ذقنه على قبضة يده و نظرته شاردة و ذهنه سارح، ملابسه نظيفة ، ياقته منشية ..قلما يكلم أحدا من زملائه ..كنت أقول لنفسى : هو ، و لاريب ، أحد أبناء المرفهين يأتى للمدرسة لا للجهاد وفصد العرق بل للفرجة و الترويح عن النفس : سواء لديه نجح أم لم ينجح ..ولذلكفبالرغم من طول تأملى له - كأن شيئا يجذبنى نحوه- لم أسع الى مخالطته أو التعرف عليه..هذا هو الأستاذ توفيق الحكيم فى مدرسة الحقوق، و أذكر أننى ما سمعته يذكر لأحد مفاخرا إنه يؤلف المسرحيات ، و كان قد فعل وهو لا يزال طالبا معنا..خدعنى توفيق الحكيم عن نفسه بصمته و حيائه و عزوفه عن الناس و تهيبه من الغرباء.
- و استبشرت بمنفلوط مرة أخرى لأن واحدا من أبناءها كان من أعز الناس لدى الجيل الذى أنا منه ، مصطفى لطفى المنفلوطى . أسال من صخرة الفصحى علينا سلسبيلا كم نهلتا منها و ارتوينا ، إن سحره لا يقاوم و فضله علينا عظيم ، ولو أنه رحمه الله أكبر مسئول عن دموع مآقينا و زفرات صدورنا و خفقات قلوبنا و نحن نقرأ له " العبرات" و " مجدولين - أو تحت ظلال الزيزفون"..لم نبال أن نسأل " ما معنى الزيزفون؟"..مهما يكن معناها يكفى أن لها رنينا جميلا له طعم حلو فى الفم و يغمرنا بلذة رقيقة توحى بالأحلام ، ألا ترى أنها تصلح اسما لآلة موسيقية ؟..خلصت للصبا أوهامه و لم يفسدها لحسن الحظ ادراكنا قيما بعد أن الزيزفون هو التليو، كل ما نعرفه عنه أن أوراقه تباع فى الصيدليات -وهو أبعد شئ عن الأحلام- لعلاج الأرق و الحمى ، ولا يوحى مذاقه العطن بنسائم الحب التى كانت تفوح لنا من اسمه.
- تعليم كسلق البيض ، و تدافع كالقطيع الى المجزر، وحشو للدماغ ، حتى تكاد تنفجر، بالتفاصيل و القشور..ان أردت أن تظفر بالجواهر فعلت ما تفعله فقيرات شعبنا الباحثات فى صفائح القمامة، أو فى أكوام الرماد بمخازن السكك الحديدية عن شظايا فحم لم تحترق.
- لاشئ يلقى حتفه لحظة مولده مثل الاعتراف بالجميل.. انه الموءودة التى يحمل الناس عارها ، تؤكد الألسن العزم على حفظ الوفاء، وتهمس القلوب فى وجلها و خجلها انه وهم و ضرب من المحال ، فما يكاد ينقضى عند قبول المنة و لثم اليد طمع حتى يثب على الفور مكانه سلالة له من أطماع أخرى متباينة مختلفة عنه مترتبة عليه عند الغير شفاؤها ، تفعل فعل المخدر فى النفس فلا يتحرج النسيان من طعنها بخنجره.
- فى بعض الأحيان نننهب أعمارنا و نلهب ظهرها بالسوط حتى تجرى مسرعة ، لا لشئ الا رغبة منا فى نسيان جرح فتكون خسارتنا للعمر أشد مصيبة من الجرح ذاته.
- سرعان ما تبينت حقيقتين ، الأولى : أن التمرين بدون تحمل للمسئولية مضيعة للوقت.. لو وكل الى عمل تعود نتائجه على ان خيرا أو شرا لأقبلت عليه بهمة ، أما الوضع الذى كنت فيه فلا يزيد عن وضع المتفرج الذى لا يبالى ، لا أحاسب على حضور و لا انصراف...و الحقيقة الثانية: أن الدراسة النظرية شئ آخر ، مختلف جدا.
- الجلوس على باب الصيدلية لم يأت أوانه بعد، فقد قررت ألا أفعله الا اذا كانت فى يدى منشة من شعر الخيل بمقبض من العاج بعد الاحالة على المعاش حين يكون همى الأوحد السؤال عن آخر علاج لضغط الدم ، ان كان فى العمر بقية.